إلا بالتزام أنه فعله لما يستنزه منه أصبياء الطريقة والجزم بتعينه فيه مما يعد جحودا بأهل هذا البيت المقدس رضي الله تعالى عنهم، أعاذ الله سبحانه كل مسلم عن ذلك، فقد بدى لي بحمد الله سبحانه وجهان لفعله رضي الله تعالى عنه اللائق بحاله على المعنى من ذلك.
أحدهما: أن للعارفين في مجالي النساء تجلي إلهي خاص، أشار أعرف خلق الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بقوله: حبب إلي من دنياكم ثلاث، وذكر النساء، وسر ذلك يطلب من الحكمة الفردية في الفص المختتم به كتاب " فصوص الحكم " وفي غيره من كلام الشيخ الأكبر رحمه الله تعالى، وتلون العارف بالتجليات الإلهية خير عنده من التمكن، وكل شئ من الدنيا فيه سر إلهي يختص بذلك الشئ، فمباشرة كثرة النساء تعرض للنفحات الإلهية المتجددة ولا يتيسر تلك الكثرة إلا بكثرة الطلاق والأنكحة.
وفي حل النكاح سر ليس في ملك اليمين فإنه وهب وقبول لسر متحرك وبين الزوجين صلة بين المتفرقين ولا يوجد ذلك في ملك اليمين، فإن حل المباشرة فيه عرض طرأ على الملك وليس العقد عقد الوصلة وجمع التفرقة، والنكاح والتزويج ينبئان لغة عن ذلك، إذ النكاح بمعنى الضم والتزويج بمعنى التلفيق، وهو ليس سر الملك ومعناه من حيث أنه ملك كما هو معنى النكاح والتزويج وسرهما من حيث الحقيقة، وهذا يؤيد مذهب الشافعي من أن النكاح لا ينعقد بلفظ التمليك للمباينة بينهما معنى، لأن لوازم المعاني غير داخلة في أصلابها، فلزوم التلفيق والضم شرعا بملك اليمين لا يؤثر في زوال المباينة المذكورة كما لا يخفى.
فكثرة طلاقه ونكاحه رضي الله تعالى عنه كان صورة لتلونه رضي الله تعالى عنه بالتجليات الإلهية المتلونة الغير المتكررة، ويرزق الله عباده الكمل من