البيع الثاني الذي هو موسوم بالفساد، وهذا كما يقول لصاحبه: بئس البيع الذي أوقعك في هذا الفساد وإن كان البيع جائزا.
فإن قيل: يحتمل أنها ذمت البيع الأول لفساده بجهالة الأجل وأنها رجعت عن تجويز البيع إلى العطاء والبيع الثاني، لأنه بيع المبيع قبل القبض إذ القبض لم يذكر في الحديث. قلنا: الرجوع لم يثبت وإنما ذمت البيع الثاني لأجل الربا حتى تلت عليه آية الربا، وليس في بيع المبيع قبل القبض الربا).
وقال أبو إسحق إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي في كتاب [الموافقات في أصول الأحكام]: (والثاني من الاطلاقين أن يراد بالبطلان عدم ترتب آثار العمل عليه في الآخرة وهو الثواب. ويتصور ذلك في العبادات والعادات فتكون العبادة باطلة بالاطلاق الأول فلا يترتب عليها جزاء لأنها غير مطابقة لمقتضى الأمر بها، وقد تكون صحيحة بالاطلاق الأول ولا يترتب عليها ثواب أيضا، فالأول كالمتعبد رئاء الناس فإن تلك العبادة غير مجزئة ولا يترتب عليها ثواب والثاني كالمتصدق بالصدقة يتبعها بالمن والأذى وقد قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس)، الآية. وقال (لئن أشركت ليحبطن عملك). وفي الحديث: (أبلغي زيد بن أرقم أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب، على تأويل من جعل الإبطال حقيقة).
وقال بدر الدين محمود بن أحمد العيني في [شرح الهداية]: صلى الله عليه وآله:
ولنا قول عائشة رضي الله عنه لتلك المرأة وقد باعت بستمائة بعد ما اشترت بثمان مائة: بئسما شريت! أبلغي زيد بن أرقم أن الله تعالى قد أبطل حجه وجهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب.