فكان فاسدا وأن زيدا اعتذر إليها، وهو دليل على كونه مسموعا، وفي المجتهدات كان بعضهم يخالف بعضا وما كان أحدهما يعتذر إلى صاحبه. فإن قلت: يجوز أن يكون إلحاق الوعيد لكون البيع إلى العطاء وهو أجل مجهول. (قلت):
ثبت من مذهب عائشة رضي الله عنها جواز البيع إلى العطاء وهو مذهب علي وابن أبي ليلى وآخرين ولم يكن كذلك. فإن قلت: لم كرهت العقد الأول مع أن الفساد من الثاني؟ قلت لأنها تطرق به إلى الثاني، كالسفر يكون محظورا إذا كان لقطع الطريق وإن كان السفر مباحا في نفسه. فإن قلت:
القبض غير مذكور في الحديث فيمكن أن يكون الوعيد للتصرف في المبيع قبل القبض. قلت: تلاوتها آية الربا دليل على أنه للربا لا لعدم القبض).
وقال ابن الهمام السيواسي في [فتح القدير]: (ولنا: قول عائشة رضي الله عنها إلى آخر ما نقله المصنف عن عائشة، يفيد أن المرأة هي التي باعت زيدا بعد أن اشترت منه وحصل له الربح لأن (شريت) معناه (بعت)، قال تعالى:
شروه بثمن بخس. أي: باعوه، وهو رواية أبي حنيفة فإنه روى في مسنده عن أبي إسحاق السبيعي عن امرأة أبي السفر أن امرأة قالت لعائشة رضي الله عنها أن زيد بن أرقم باعني جارية بثمانمائة درهم ثم اشتراها مني بستمائة.
فقالت: أبلغيه أن الله أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب. ففي هذا أن الذي باع زيد ثم استرد وحصل الربح له، ولكن رواية غير أبي حنيفة من أئمة الحديث عكسه.
روى الإمام أحمد بن حنبل، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن إسحاق السبيعي عن امرأته أنها دخلت على عائشة هي وأم ولد زيد بن أرقم فقالت أم ولد زيد لعائشة: إني بعت من زيد غلاما بثمان مائة درهم نسية واشتريته بستمائة نقدا. فقالت أبلغي زيدا أن قد أبطلت جهادك مع رسول