ذلك ولا بيعه، ثم كان تغريق ذلك من الأمر بالمعروف عنده، وقد ترك ذلك مخافة على نفسه، وفيه تبيين أنه لا بأس باستعمال التقية وأنه يرخص له في ترك بعض ما هو فرض عند خوف التلف على نفسه، ومقصوده من إيراد الحديث أن يبين أن التعذيب بالسوط يتحقق فيه الإكراه كما يتحقق في القتل، لأنه قال:
لو علمت أنه يقتلني لغرقتها ولكن أخاف أن يعذبني فيفتتني، فتبين بهذا أن فتنة السوط أشد من فتنة السيف " 1.
أقول: ولا يخفى على النبيه ما في هذا الكلام من فوائد، ولا سيما قوله:
" وفيه تبيين أنه لا بأس باستعمال التقية.. " وأما ما ذكره للذب عن معاوية فواضح الهوان.
17 مخالفة بعضهم لصريح الكتاب لقد كان في الأصحاب من يرد الحكم المنصوص في الكتاب، ومن كان هذا دأبه لا يكون الاقتداء به موجبا للهداية، ولا يجوز أن ترجع إليه الأمة في المنصوصات وغيرها.. قال الغزالي في مبحث حجية خبر الواحد: " ثم اعلم أن المخالف في المسألة له شبهتان، الشبهة الأولى قولهم: لا مستند في إثبات خبر الواحد إلا الإجماع فكيف يدعى ذلك وما من أحد من الصحابة إلا وقد رد خبر الواحد. ثم قال بعد أن ذكر طرفا من شواهد ذلك: لكنا نقول في الجواب عما سألوا عنه الذي رويناه قاطع في عملهم وما ذكر تموه رد لأسباب عارضة تقتضي الرد ولا تدل على بطلان الأصل، كما أن ردهم بعض نصوص القرآن وتركهم بعض أنواع القياس ورد القاضي بعض أنواع الشهادات لا يدل على بطلان الأصل " 2.