فلما أصبحوا جاؤوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فخرج وهو محتضن الحسين آخذا بيد الحسن، وفاطمة خلفه، وعلي خلفهم، وهو يقول: اللهم هؤلاء أهل بيتي، إذا أنا دعوت أمنوا.
فلما رأى وفد نجران ذلك وسمعوا قوله، قال كبيرهم: يا معشر النصارى اني لأرى وجوها لو سألت من الله أن يزيل جبلا لأزاله، لا تبتهلوا (1) فتهلكوا، ولا يبقى على وجه الأرض نصراني منكم إلى يوم القيامة، فاقبلوا الجزية، فقبلوا الجزية ثم انصرفوا.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): والذي نفسي بيده أن العذاب قد نزل على أهل نجران، ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير، ولاضطرم الوادي عليهم نارا، ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على الشجر، ولم يحل الحول على النصارى حتى هلكوا.
ثم قال ابن الصباغ في الفصول بعد نقل القصة، وسبب نزول هذه الآية: قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: (أنفسنا وأنفسكم) محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) (وأبناءنا) الحسن والحسين (ونساءنا) فاطمة صلوات الله عليهم أجمعين.
وهكذا رواه الحاكم في مستدركه عن علي بن عيسى، وقال: صحيح على شرط مسلم. ورواه أبو داوود الطيالسي عن شعبة، عن الشعبي مرسلا. وروي عن ابن عباس والبراء بن عازب رضي الله عنهما نحو ذلك (2) انتهى كلام صاحب الفصول.
وفي هذه القصة بيان لفضل علي بن أبي طالب (عليه السلام) وجلالته واستحقاقه الإمامة من بين الصحابة، وظهور معجز النبي (صلى الله عليه وآله)، فان النصارى علموا بأنهم متى باهلوه حل بهم العذاب، لمعرفتهم بشأنه ونبوته، فقبلوا الصلح ودخلوا تحت الهدنة.
وان الله تعالى أبان أن عليا (عليه السلام) هو نفس النبي (صلى الله عليه وآله) كاشفا بذلك عن بلوغه