ثم قال: وحينئذ نقول: جاز أن يكون الغيبة لأمر خفي ومصلحة استأثر الله تعالى بعلمها، ولا يجب علينا البحث عن حقيقة تلك المصلحة والاطلاع على كنهها، كما في خلق الحيات والمؤذيات.
وقال بعض المتأخرين: ان السبب في غيبته (عليه السلام) استخلاص المؤمنين من أصلاب المنافقين، محتجا بأنه (عليه السلام) إنما يظهر بالقيام بالسيف واظهار الدعوة، فحينئذ لا يقبل ايمان نفس لم تكن آمنت من قبل، لأن قيامه من اشراط الساعة وعلاماتها، مستشهدا بقوله تعالى (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في ايمانها خيرا) (1) وقال: ان تلك الآية هو الإمام (عليه السلام).
فائدة:
ابتداء الغيبة الصغرى بعد وفاة مولانا أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليه السلام)، وكانت وفاة العسكري (عليه السلام) يوم الجمعة لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة ستين ومائتين، وحينئذ فيكون غيبة مولانا المهدي (عليه السلام) وهو ابن خمس سنين، وهذا هو الصحيح (2).
وقال نور الدين علي بن محمد المكي المالكي في الفصول المهمة: انه غاب في السرداب والحرس عليه، وكان ذلك سنة ست وسبعين ومائتين من الهجرة، وتزعم الشيعة أنه دخل السرداب في دار أبيه وأمه تنظر إليه، فلم يخرج إليها بعد ذلك، وعمره يومئذ تسع سنين. وذكر ابن الأزرق في تاريخ ميافارقين أنه دخل السرداب سنة خمس وسبعين ومائتين وعمره سبع عشرة سنة (1) انتهى.