قاطع في العلم، وكان له القدم في الاسلام والصهر برسول الله، والفقه في السنة، والنجدة في الحرب، والجود في المال (1). وهاهنا مقامات:
المقام الأول في كونه (عليه السلام) أعلم الناس واستاد العالمين اجمالا من المعلوم أن قوله (صلى الله عليه وآله) (أنا مدينة العلم وعلي بابها) ليس المقصود منه الا أنه هو المنبع الذي يفيض عنه العلوم الاسلامية، والأسرار الإلهية، واللطائف الحكمية التي اشتمل عليها القرآن الكريم والسنة المقدسة، وهو مصدرها والمحيط بها.
لأن شأن المدينة لما تحتوي عليه كذلك ثبت أن عليا (عليه السلام) هو المفزع لتلك الأسرار المصونة عن الأغيار، والمهتدي لتفاصيل جملها وأحكامها الكلية وحقائقها الحقيقية، بحسب ماله من كمال الحدس، وفرط الذكاء، وقوة الاستعداد، وكثرة الملازمة للأستاذ الكامل، وصفاء جوهر النفس في حد ذاتها بحيث تصير تلك الأسرار سهلة التناول قريبة المأخذ لسائر الخلق، لأن الباب هو الجهة التي منها ينتفع الخلق من المدينة، ويمكنهم تناول ما أرادوا منها.
والسبب في بلوغه (عليه السلام) هذا المبلغ تربية رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أول عمره إلى أن أعده لأعلى مراتب الكمالات النفسانية، كما ذكره (عليه السلام) في حديث المناشدة المروي من طريق صدر الأئمة موفق بن أحمد المكي، عن فخر خوارزم الزمخشري.
وفي الخطبة القاصعة (2) من خطبه (عليه السلام) المذكورة في نهج البلاغة بقوله: وقد علمتم