من خصومنا أنهم يروون في كتبهم ومصنفاتهم هذه الأخبار الشاهدة على ضلالتهم، الناطقة بغوايتهم وعمايتهم، ولا يستحيون من عار نقلهم واطراحها، وإذا كلموا في ذلك قالوا: انها أخبار آحاد، وهذا مما يضحك الثكلى، إذ قدمنا أن السيد الجليل رضي الدين بن طاووس أوردها عن ثلاثمائة طريق.
وليت شعري كيف ذهب عليهم أنه إذا لم يكن هذه الطرق المشفوعة بألوف في معناها من طرق الخاصة متواترة معنى، فلا تواتر حينئذ، ولا يمكن ادعاه في مادة من المواد، ومعجزات نبينا (صلى الله عليه وآله) من هذا القبيل، فان التزموا ذلك لم تنهض لهم حجة على الملاحدة واليهود والنصارى، وغيرهم من أهل الأهواء، وحسبك به شناعة.
وقد حكى الفاضل الجليل بهاء الدين علي بن عيسى الأربلي في كتابه كشف الغمة: أنه باحث بعض علمائهم من مدرسي مذهب أحمد بن حنبل، قال: فأوردت عليه حديثا من مسند امامه، فقال: أحاديث المسند لم يلتزم أحمد فيها الصحة، فلا تكون حجة علي، فأوردت عليه مثل ذلك من صحيح الترمذي، فطعن في رجل من رجاله، فقلت له: أتعذر وأمتنع البحث معكم، فقال: كيف؟ قلت: لأنكم تطعنون فيما نورده نحن وفيما توردونه أنتم عن مشائخكم وأئمتكم، فكيف يتحقق بيننا بحث، أو تقوم ما ندعيه حجة؟ (1) انتهى.
وربما قال بعضهم: ان هذه الأخبار ظنية المتن، فلا تنهض بمعارضة الاجماع الذي هو حجة قطعية، المنعقد على امامة أبي بكر وخلافته.
وأقول: أولا كيف ينعقد الاجماع؟ وأكابر الصحابة لم يحضروا السقيفة، ولم يرضوا ببيعة أبي بكر، كسعد بن عبادة، وابنه قيس بن سعد، والعباس بن عبد المطلب، وهو عم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأبنائه، ومولانا أمير المؤمنين (عليه السلام)، وولديه