الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، أسألك خير هذه القرية وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها، ثم نزل (صلى الله عليه وآله) تحت شجرة، وأقمنا بقية يومنا ومن غده.
فلما كان نصف النهار نادى مناد النبي (صلى الله عليه وآله)، فاجتمعنا إليه، فإذا عنده رجل جالس، فقال: ان هذا جاءني وأنا نائم، فسل سيفي وقال: يا محمد من يمنعك مني اليوم؟ قلت: الله يمنعني منك، فشام السيف (1) وهو جالس كما ترون لا حراك (به، فقلنا: يا رسول الله لعل في عقله شيئا، فقال: نعم دعوه، ثم صرفه ولم يعاقبه.
وحاصر خيبر بضعا (3) وعشرين ليلة، وكانت الراية لعلي (عليه السلام)، فعرض له رمد أعجزه عن الحرب، وكان المسلمون يناوشون (4) اليهود من يدي حصونهم وجنباتها.
فلما كان ذات يوم فتحوا الباب، وكانوا قد خندقوا على أنفسهم، وخرج مرحب برجله، فدعا النبي (صلى الله عليه وآله) أبا بكر، فقال له: خذ هذه الراية، فأخذها في جمع من المهاجرين واجتهد ولم يغن شيئا، وعاد يؤنب قومه الذين اتبعوه ويؤنبونه. فلما كان من الغد تعرض لها عمر، فسار بها غير بعيد، ثم رجع يجبن أصحابه ويجبنونه.
فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ليست هذه الراية لمن حملها، جيؤوني بعلي بن أبي طالب، فقيل له: انه أرمد، فقال: أرونيه رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، فيأخذها بحقها ليس بفرار.
فجاؤوا بعلي (عليه السلام) يقودونه إليه، فقال: ما تشتكي يا علي؟ قال: رمدا ما أبصر معه، وصدعا برأسي، فقال له: اجلس وضع رأسك على فخذي، ففعل علي (عليه السلام)