فالعجب كل العجب من هذا الناصب حيث أنكر ذلك ورام ستره، وهل تستر الشمس بالكف، أو يشتبه الحق بالخلف.
ومن أعجب العجائب جمود المحقق الشريف على هذا المحال، وقبضه عنان الكلام على ذلك المقال الواضح الاختلاق (١)، ولا غرو فان عين الرضا كليلة عن كل عيب وان ظهر، وحب الشئ يصم السمع ويعمي البصر، وقد صدق من قال: الناس كلهم أكياس، فإذا جاؤوا إلى الأديان افتضح الأكثرون.
وأما تعلقه بالجمع، فهو أوهن من بيت العنكبوت.
أما أولا، فلأن استعمال الجمع في الواحد شائع ذائع لا سبيل لانكاره والتردد فيه، ولا سيما عند قصد التعظيم، بل جوز سيدنا الأجل ذو المجدين علم الهدى المرتضى - عطر الله مرقده - في الشافي كونه حينئذ حقيقة عرفية، وإن كان مجازا لغويا، وقد حكينا ذلك عنه في ذيل الحديث السادس عشر.
وقد ذكر جمع من أئمة الأصول والعربية والتفسير: أن المراد بالناس في قوله تعالى ﴿الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم﴾ (2) هو نعيم بن مسعود الأشجعي، وعلى كل حال فلا كلام في وجوب المصير إلى المجاز عند تعذر الحقيقة.
وأما ثانيا، فلأنه يجوز أن يكون المراد هنا النبي (صلى الله عليه وآله) وعليا (عليه السلام)، كما يدل عليه خبر جابر المتقدم، وهو منقول من صحيح مسلم، ومستدرك الحاكم، وفصول المهمة لابن الصباغ وغيرها، وحينئذ يكون حقيقة على القول بأن أقل الجمع اثنان، وهو مذهب مالك وجماعة وعمر وزيد بن ثابت.
فان قلت: الداعي لا يدعو نفسه؟
قلت: يجوز أن يراد بدعائه (صلى الله عليه وآله) لنفسه الدعاء القلبي والحث النفسي، ويكون