الخصيصة، وضعني في حجره وأنا وليد، يضمني إلى صدره، ويكنفني (1) في فراشه، ويمسني جسده، ويشمني عرفه، وكان يمضغ الشئ ويلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول ولا خطلة (2) في فعل، ولقد قرن الله به من لدن كان فطيما (3) أعظم ملك (4 ملائكته يسلك به طرق المكارم، ومحاسن أخلاق العالم ليله ونهاره.
ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل (5) اثر أمه، يرفع لي في كل يوم علما من أخلاقه وأمرني بالاقتداء به، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء (6)، فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيت واحد في الاسلام غير رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة، وأشم ريح النبوة.
ولقد سمعت رنة (عليه السلام)) الشيطان (8) حين نزل الوحي عليه (صلى الله عليه وآله)، فقلت: يا رسول الله ما هذه الرنة؟ فقال: هذا الشيطان قد آيس من عبادته، انك تسمع ما أسمع وترى ما أرى، الا أنك لست بنبي ولكنك وزير وانك لعلى خير.