المقام الثاني في بيان ذلك تفصيلا قال العالم الرباني في أوائل شرح النهج، وقبله الفخر الرازي في الأربعين: انا قد تفحصنا عن أحوال العلوم بأسرها، فوجدنا أعظمها وأهمها هو العلم الإلهي، وقد ورد في خطبة له (عليه السلام) من أسرار التوحيدات والنبوات والقضاء والقدر وأسرار المعاد ما لم يأت في كلام أحد من أكابر العلماء وأساطين الحكمة، ثم وجدنا جميع فرق الاسلام تنتهي في علومهم إليه.
أما المتكلمون: فاما معتزلة وانتسابهم إليه ظاهر، فان أكثر أصولهم مأخوذة من ظاهر كلامه في التوحيد والعدل، وأيضا فإنهم ينتسبون إلى مشائخهم، كالحسن البصري، وواصل بن عطاء، وكانوا منتسبين إلى علي (عليه السلام)، ومتلقفين عنه العلوم.
وإما أشعرية، ومعلوم أن أستاذهم أبو الحسن الأشعري، وكان تلميذا لأبي علي الجبائي، الا أنه خالفه أخيرا في مواضع تعلمها من مذهبه.
وإما الشيعة، وانتسابهم إليه ظاهر، فإنهم يتلقفون العلوم عن أئمتهم، وأئمتهم يأخذ بعضهم عن بعض إلى أن ينتهي إليه، وهو امامهم الأول.
وأما الخوارج، فهم وان كانوا في غاية من البعد عنه، الا أنهم ينتسبون إلى مشايخهم، وقد كانوا تلامذة علي (عليه السلام).
وأما المفسرون، فرئيسهم ابن عباس رضي الله عنه، وقد كان تلميذا لعلي (عليه السلام).
وأما الفقهاء، فمذاهبهم المشهورة أربعة:
أحدها: مذهب أبي حنيفة، ومن المشهور أن أبا حنيفة قرأ على الصادق (عليه السلام) وأخذ عنه الأحكام، وانتهاء الصادق (عليه السلام) إلى علي (عليه السلام) ظاهر.
الثاني: مذهب مالك، وقد كان مالك تلميذا لربيعة الرأي، وربيعة الرأي تلميذ عكرمة، وعكرمة تلميذ ابن عباس، وابن عباس تلميذ لعلي (عليه السلام).