ذلك أيها الانسان دليل على أن الامر لغيرك، وموكول إلى سواك، وأنك مقهور مدبر، ولما يراد منك مقدر وميسر، لأنك تريد الامر اليسير، بالتعب الكثير، فيمنع عليك ويتأبى، وتغفل عن الامر الكبير ويسهل لك من غير تعب اعترف أيها العبد بالعجز يصنع لك ولا تدع الحول والقوة فتهلك، واعلم أنك الضعيف وأني القوي.
الصحيفة التاسعة صحيفة الانتقال إلهي أنت تعرف حاجتي، وتعلم فاقتي، وأنت عالم الغيوب، وكاشف الكروب، تعلم الكائنات قبل وقوعها، وتحيط بالأشياء قبل وقوعها، وأنت غني عن العالمين وهم فقراء إليك، أمرتني فعصيت، ونهيتني فأتيت، وبصرتني فعميت وأسعدتني فشقيت، تعرف ذنوبي فلا ستر دونك، فلا تفضحني بها في الدنيا ولا في الآخرة، ولا في المحشر وفي عرصة الساهرة، اللهم فكما سترتها على فاغفر لي وكما لم تظهرها على فحطها عني، وقني مناقشة الحساب، ومكابدة العذاب، ويسر الخير لي في عاجلي وآجلي، ومحياي ومماتي، واقض حاجاتي التي أنت عالم بها مني، واصرف شر جميع ما خلقت عني، ووفقني من منافع الدنيا والآخرة لما تعلم فيه صلاحي، وتعرف فيه فلاحي، وأنا عنه غني غافل، وبوجوه استجلابه جاهل، فقد بسطت يدي بالابتهال إليك، ووقفت بذل المذنبين، وخشوع الراغبين وتضرع المحتاجين بين يديك، وأنت أنت أهل الإجابة، وإن كنت أنا أهلا للخيبة، فأنت ولي الاسعاف والاطلاب، وإن كنت أنا المستحق لعظيم العذاب فأنت موضع الرغبة، ومنتهى السؤل والطلبة، وأنا لا أهتدي إلا إليك، ولا أعول إلا عليك، ولا أقرع إلا بابك، ولا أرجو إلا ثوابك، ولا أخاف إلا عذابك ولا أخشى إلا عقابك، فزدني اللهم هداية إليك، ويسر لي ما عولت فيه، وافتح لي بابك، وأجزل لي من رحمتك ثوابك، وآمني مما أستحقه بذنوبي من عذابك، وأليم عقابك، إنك أنت الرؤف الرحيم.