الصحيفة الثالثة عشر صحيفة سهم الجبابرة يا أخنوخ قد أهمل الناس عبادتي، فأضربوا عن طاعتي، وأصروا على العصيان وانهمكوا في الطغيان، وآثروا طاعة الشيطان، وتهالكوا في البغى والعدوان كأنهم لم يروا مصارع الطغاة قبلهم، ولم ينظروا إلى ديارهم الخاوية وخدورهم وخلو قصورهم المشيدة واتضاع أسمائهم، [العالية] لم تدفع عنهم سخطتي لما حلت موثق القلاع، ومونق الرباع، ولم تجرهم الجنود المجندة، والعدد المعددة والأموال الجمة، والممالك العظيمة، بل تضعضعوا لواقع النقمة إذ لم يشكروا سابغ النعمة، وتزعزعوا لحلول السخطة لما تناسوا حقي عليهم عند المهلة، فبادوا وهلكوا، وطريق الخزي في الدنيا والآخرة سلكوا، حتى كأنهم لم يروا قريبا مصارع سهم الجبار وأصحابه الجبابرة، ما أصروا على الكفر والجحود، واستمروا علي البغي والعنود، واستعبدوا عبادي، وخربوا بلادي، واستحقروا الخلق، وغمطوا الحق، وأحيوا سنن الأشرار، وعطلوا سنن الأخيار، ووضعوا المكوس، وأزهقوا النفوس و؟؟؟؟ ما كان عليهم فرضا، وركضوا في الباطل ركضا، وسفكوا الدماء، حتى أبكوا بأفعالهم الأرض والسماء، مفتخرين مغترين بأجسامهم العظام وجثثهم الكبار، وقوتهم الشديدة، وأموالهم العتيدة.
ولما انقضت أيامهم، وتمت آثامهم، أجهشت البقاع، وبكت الروابي والتلاع، بمن فيها من أصناف الحيوان، إلى الحنان المنان، فرحمنا تضرعهم واستجبنا دعوتهم، وانتصرنا للمؤمنين ممن استضعفهم، فجعلناهم أربابا لمن كان استعبدهم، وامراء على من استرزلهم، وألقينا بين الجبابرة الباس، وأرحنا منهم جماعة الناس، فتحارب الجبابرة وتحازبوا، وتكاوحوا تجاذبوا، حتى أهلكوا بعضهم بعضا، وقتلوا نفوسهم بأيديهم، وقطعوا أبدانهم بسيوفهم، وإن كان أقواهم وأعتاهم وأتمهم قامة وأشدهم بسطة سهم قيصر عليهم، وبقى بعدهم قريحا جريحا لا يسوغ شرابا ولا طعاما، ولا يجد قرارا ولا يلتذ مناما، من الذي أصابه في حروب سائر الجبابرة من ضرب السيوف، وطعن الرماح وشدخ الجنادل، ووقع السهام