فلا تنبت لهم، أو أسقط السماء عليهم، وأرسل شواظا من العداب إليهم؟ غرهم حلمي فشكوا في علمي ورأوا إمهالي وأملوا إهمالي، لا وعزتي ليس الامر كما يظنون إني لاعلم النقير والقطمير، وليس يخفى على شئ من الأمور، لكني لكرمي أنتظر بعبدي الإنابة، وأؤخر معاقبته ترفقا رجاء للتوبة، إذ كان لا حاجة بي إلى عذاب أحد من العالمين، ورحمتي تسع الخلائق أجمعين، فمن تاب تبت عليه ومن أناب غفرت له، ومن عمي عن رشده، ولم يبصر سبيل قصده، لم يفتني، ولا يعتاص على كبير لكبره، ولا يخفى لدي صغير لصغره، فأنا الخبير العليم.
الصحيفة الثامنة عشر صحيفة الانذار يا أخنوخ! أنذر الناس عذابا قد أظلهم، وطوفانا قد آن أن يشملهم، يسوي بين الوهاد والنجاد، ويعم النجوات والعقوات، وتغرق الأرض بآفاقها، و تبلغ منتهى أقطارها وأعماقها، وتسخط لسخطي، وتنتقم لي ممن نبد طاعتي، ولا أفعل ذلك إلا بعد أن أستظهر عليهم بالحجج اللوامع، وانذرهم بالآيات السواطع وأنتظر بهم قرنا بعد قرن كعادتي في الامهال والحلم، فإذا أصروا على طغيانهم واستمروا على عدوانهم، وعم الكفر، وقل الايمان، فتحت ينابيع الأرض عزالى السماء، وملأت الضواحي والأكناف من الماء، ونجيت المؤمنين، وقليل عددهم، وأهلكت الطاغين، وكثير ما هم، وذلك دأبي فيمن عبد سواي، أو جعل لي شركاء، وأنا مع ذلك رؤوف رحيم.
الصحيفة التاسعة عشر صحيفة الحق لا قبيح إلا المعصية، ولا حسن إلا الطاعة، ولا وصول [إلا] بالعقل إلى المعرفة بالحق عرف الحق، وبالنور اهتدي إلى النور، وبالشمس أبصرت الشمس، و بضوء النار رئيت النار، ولن يسع صغير ما هو أكبر منه، ولا يقل ضعيف ما هو أقوى منه، ولا يحتاج في الدلالة على الشئ المنير بما هو دونه، ولا يضل عن الطريق إلا المأخوذ به عن التوفيق، والله علي كل شئ شهيد.