فبعل بنفسه، ومهد بيده موضع رمسه، وانحنى على سيفه، ولقي حتفه بكفه، وكان آخرهم موتا، وعقيبهم فوتا، وورث المستضعفون أموالهم وديارهم، ووطئوا أعقابهم.
فان شكرتم يا أيها الناس نعمتي عليكم زدتكم، وإن أطعتموني أمددتكم وإن اقتديتم بالعصاة، وفعلتم فعل البغاة، لم تكونوا أعز على وأجل لدي ممن تقدمكم، وكلكم خلقي، وآكل رزقي، لا نسب بيني وبينكم، لا حاجة بي إلى أحد منكم، كما لم يكن بي حاجة إلى من قبلكم، فوعزتي لأهلكن الطاغين ولأنتصرن للمظلومين من الظالمين، وأنا الغلاب المتين.
الصحيفة الرابعة عشر صورة صحيفة المن يا أيها الناس ما غركم بربكم الذي سوى خلقكم وقدر رزقكم، وأورى لكم من الشجر الأخضر نارا، والصخر الجلمد نارا، تجلبون به المنافع والنور والضياء، وتستدفعون به الظلمة والبرد والأذى، وهو جعل لكم من جلود الانعام وأوبارها ريشا بواري السوءات، ويدفع الآفات، وهو الذي أخرج عيونا ينابيع تنبت الزرع وتنفع الظماء، وأجرى في السماء مصابيح يهتدى بها في مهامه البر، ولجج البحر، وعلمكم ما لم تكونوا تعلمون من كتب الكتاب، ونسج الثياب، وتذليل الدواب، وهو الذي أدر لكم الضروع، وأنبت الأشجار والزروع، وأجرى الفلك في البحار، وهداكم في سباسب القفار، أإله غيره يقدر على شئ من ذلك، أو أنتم إلى مثله تهتدون، فسبحان الذي ليس كمثله شئ وهو المنان الكريم.
الصحيفة الخامسة عشر صحيفة النجاة ليس النجاة بالقوة، ولا الخلاص بالجبروت، ولا تستحق اسم الصديقية بالملك العظيم، ولا يوصل إلى ملكوت السماء بالعز الجسيم، ولا ينفع في الآخرة كثرة الرجال، وثروة الآمال، ولا ينجي يوم الحساب الحذق في الصنايع، والكيس في المكاسب، لكن البر الذي ينجي، والطهارة التي تنقذ، وبالنزاهة من الذنوب