بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٨٥ - الصفحة ٣١٩
يأت بها، فالظاهر أنه يجوز فعلها تبرعا عن الميت (1) والاستيجار له وإن لم يرد
(١) قد عرفت فيما سبق من أبحاثنا أن الصلاة دين لقوله تعالى: " ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا " وهكذا الصوم حيث يقول عز وجل: " كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم " وهكذا الحج، حيث عبر عنه في القرآنالعزيز كالتعبير عن الحقوق المالية، فقال: " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " الا أن الصلاةوالصوم دين على الأبدان، والحج دين في الأموال والأبدان معا.
فإذا مات المؤمن وكان عليه صوم أو صلاة، وجب على وليه أداء هذا الدين بنفسه أو باستيجار شخص آخر يستأجره بمال نفسه. لا من مال الميت، فإنهما حق على الأبدان خاصة، الا أنه وأما إذا أوصىالميت بذلك أخرج وليه أجرة ذلك من ثلث ماله، واما وأما إذا لم يكن له ولى يطالب بأداء هذا الدين جاز لسائر المؤمنين من اخوانه أن يتبرعوا بصلاته وصيامه لقوله تعالى: " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ".
وأما الحج، فلما كان ذا وجهين: له تعلق بالأموال وتعلق بالأبدان وجب على وليه تكفل ذلك بمعنى أنه يخرج من صلب مال الميت ما يكفي لمخارج الحج فقط وهو الشطر الذي تعلق بماله، ثم يحج الولي بنفسه وينفق ذاك المال في سفره من دون أن يأخذ لاعماله البدنية عوضا من مال الميت، فان هذا الشطر مما تعلق ببدنه، وهذا وليه يطالب بذلك على حد الصلاةوالصوم.
نعم له أن لا يحج بنفسه ويستأجر من ينوب عنه ويؤدى الزائد على المخارج الأصلي من ماله، الا أن يكون الميتأوصى بذلك فيخرج مؤنة ذلك من ثلث ماله ان وفى بذلك.
وأما جواز النيابة في ذلك، سواء كان تبرعا أو استيجارا - فلان الصلاةوالصوموالحج عبادات مجعولة، بمعنى أن الشارع المقدس يتلقى فعل كل واحد منها عبادة له و قربة منه، لا أنه يكون قصد القربة من المتعبد محققا لعنوان العبادة فيهما، على ما هو الشأن في التوسليات، ولذلك نحكم بحرمة الصلاةوالصوم من الحائض، وان لم يقصد القربة بذلك، أو قيل بأنه لا يتمشى منها قصد القربة، وهكذا الصلاة من غير طهارة وإن كان المصلى لا يقصد القربة بذلك.
فإذا كانت الصوموالصلاة وهكذا الحج ماهية مجعولة وتلقاها الشارع عبادة، جاز اتيانها نيابة عن الميت، فإنها مطلوبة بماهيتها: تقرب صاحبها إلى الله عز وجل، و صاحبها عند الله هو المنوب عنه لا النائب، فان النائب إنما عمل تلك الأعمال العبادية بدلا عن الغير في مقابلة الثواب وثوابه اما الأجرة إن كان استيجار، واما الجنة ونعيمها إن كان تبرعا، وهذا أيضا واضح بحمد الله.