ذكره اقتصر على بيان حاله، والحدث لما لم يجرد ذكره ذكر من أسبابه ما يحدث بالذات وما يحدث بالعرض، واستغنى عن تفصيل أحواله بتفصيل حال الجنب، و بيان العذر مجملا، وكأنه قيل: وإن كنتم جنبا مرضى أو على سفر أو محدثين جئتم من الغائط، أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء. وهذا الوجه لا يوافق ما ثبت عندنا من أن المراد بالملامسة الجماع (1).
الثالث قال في الكشاف جوابا عن هذا الاشكال، قلت: أراد سبحانه أن يرخص للذين وجب عليهم التطهر وهم عادمون للماء في التيمم بالتراب، فخص أولا من بينهم مرضاهم وسفرهم، لأنهم المتقدمون في استحقاق بيان الرخصة لهم، لكثرة السفر والمرض، وغلبتهما على سائر الأسباب الموجبة للرخصة، ثم عم كل من وجب عليه التطهر وأعوزه الماء، لخوف عدو أو سبع، أو عدم آلة استقاء أو إزهاق في مكان لا ماء فيه أو غير ذلك مما لا يكثر كثرة المرض والسفر انتهى.
وقيل في توضيح كلامه: إن القصد إلى الترخيص في التيمم لكل من وجب عليه التطهر، ولم يجد الماء، فقيد عدم الوجدان راجع إلى الكل، وقيد وجوب التطهر المكنى عنه بالمجئ من الغائط أو الملامسة اللذين هما من أغلب أسباب وجوب التطهر معتبر في الكل حتى المرضى والمسافرين، وذكرهما تخصيص بعد التعميم، بناء على زيادة استحقاقهما للترخيص، وغلبة المرض والسفر على سائر أسباب الرخصة، فكأنه قيل: إن جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء خصوصا المرضى والمسافرين فتيمموا، ووجه سببية مضمون الشرط لمضمون الجزاء ظاهر.
هذا، ولكن ينبغي أن يعتبر عدم وجدان الماء بعدم القدرة على استعماله ليفيد ترخيص المريض الواجد للماء العاجز عن الاستعمال، ويصح أن المرض سبب من الأسباب الغالبة، وإلا فهو باعتبار العجز عن الحركة والوصول إلى الماء