على مضارع الغائب من باب الافعلال، فالوجوه مرفوعة فيهما بالفاعلية، وأن يقرء بصيغة المخاطب من باب التفعيل مخاطبا إليه تعالى فالوجوه منصوبة فيهما على المفعولية كما ذكره الشهيد الثاني رفع الله درجته والأول هو المضبوط في كتب الدعاء، المسموع عن المشايخ الأجلاء.
ثم الظاهر أن التكرير للالحاح في الطلب والتأكيد فيه، وهو مطلوب في الدعاء، فإنه تعالى يحب الملحين في الدعاء، ويمكن أن يكون الثانية تأسيسا على التنزل فان ابيضاض الوجوه تنور فيها زايدا على الحالة الطبيعية، فكأنه يقول إن لم تنورها فأبقها على الحالة الطبيعية ولا تسودها.
والكتاب كتاب الحسنات، وإعطاؤه باليمين علامة الفلاح يوم القيامة، كما قال تعالى: " فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا و ينقلب إلى أهله مسرورا " (1) وقوله عليه السلام: " والخلد في الجنان بيساري " يحتمل وجوها:
الأول أن المراد بالخلد الكتاب المشتمل على توقيع كونه مخلدا في الجنان على حذف المضاف، وباليسار اليد اليسرى، والباء صلة لأعطني كما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: يعطى كتاب أعمال العباد بأيمانهم، وبراءة الخلد في الجنان بشمائلهم، وهو أظهر الوجوه.
والثاني أن المراد باليسار اليسر خلاف العسر كما قال تعالى: " وسنيسره لليسرى " (2) فالمراد هنا طلب الخلود في الجنة، من غير أن يتقدمه عذاب النار وأهوال يوم القيامة، أو سهولة الأعمال الموجبة له.
الثالث أن يراد باليسار مقابل الاعسار أي اليسار بالطاعات أي أعطني الخلد في الجنان بكثرة طاعاتي، فالباء للسببية، فيكون في الكلام إيهام التناسب، وهو الجمع بين المعنيين المتباينين بلفظين لهما معنيان متناسبان كما قيل في قوله تعالى: