ثم ذكرت أنه هل يفرق في ذلك بين ما يتضمن القذف، وما لا يتضمنه والجواب أن القذف مستثني من البين، وله أحكام خاصة مقررة في محلها من كتب الفقه.
وذكرت أن الرواية التي حكاها الوالد في الرسالة من كلام عيسى عليه السلام مع الحواريين في شأن جيفة الكلب حيث قالوا: ما أنتن جيفة هذا الكلب؟ فقال عليه السلام:
ما أشد بياض أسنانه، تدل على تحريم غيبة الحيوانات أيضا وسألت عن وجه الفرق بينها وبين الجمادات مع أن تعليل الحكم بأنه لا ينبغي أن يكذر من خلق الله إلا بالحسن، يقتضي عدم الفرق، والجواب أنه ليس المقتضى لكلام عيسى عليه السلام كون كلام الحواريين غيبة، بل الوجه أن نتن الجيفة ونحوها مما لا يلائم الطباع غير مستند إلى فعل من يحسن إنكار فعله، وكلام الحواريين ظاهر في الانكار كما لا يخفى فكان عيسى نظر إلى أن الأمور الملاءمة وغيرها مما هو من هذا القبيل كلها من فعل الله تعالى، على مقتضى حكمته، وقد أمر بالشكر على الأولى، والصبر على الثانية وفي إظهار الحواريين لانكار نتن الرائحة دلالة على عدم الصبر أو الغفلة عن حقيقة الامر، فصرفهم عنه إلى أمر يلائم طباعهم، وهو شدة بياض أسنان الكلب، وجعله مقابلا للامر الذي لا يلائم، وشاغلا لهم.
وهذا معنى لطيف تبين لي من الكلام فان صحت الرواية فهي منزلة عليه ولكنها من جملة الروايات المحكية في كتب العامة انتهى.
وقال الشهيد رفع الله درجته في قواعده: الغيبة محرمة بنص الكتاب العزيز والاخبار، وهي قسمان ظاهر وهو معلوم وخفي وهو كثير، كما في التعريض مثل أنا لا أحضر مجلس الحكام، أنا لا أكل أموال الأيتام، أو فلان ويشير بذلك إلى من يفعل ذلك، أو الحمد لله الذي نزهنا عن كذا يأتي به في معرض الشكر، ومن الخفي الايماء والإشارة إلى نقص في الغير، وإن كان حاضرا، ومنه لو فعل كذا كان خيرا، لو لم يفعل كذا لكان حسنا، ومنه التنقص بمستحق الغيبة لينبه به على عيوب آخر غير مستحق للغيبة، أما ما يخطر في النفس من نقائص الغير فلا يعد غيبة