بأموالكم " وهو محرم عليكم إخراجهم " أعاد قوله عز وجل " إخراجهم " ولم يقتصر على أن يقول " وهو محرم عليكم " لأنه لو قال لرأى أن المحرم إنما هو مفاداتهم. ثم قال عز وجل " أفتؤمنون ببعض الكتاب " وهو الذي أوجب عليكم المفاداة " وتكفرون ببعض " وهو الذي حرم عليكم قتلهم وإخراجهم؟ فقال: فإذا كان قد حرم الكتاب قتل النفوس والاخراج من الديار كما فرض فداء الاسراء، فما بالكم تطيعون في بعض وتعصون في بعض (كأنكم ببعض كافرون وببعض مؤمنون ثم قال عز وجل " فما جزاء من يفعل ذلك منكم " يا معشر اليهود " إلا) خزي " ذل " في الحياة الدنيا " جزية تضرب عليه ويذل بها، " ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب " إلى جنس أشد العذاب يتفاوت ذلك على قدر تفاوت معاصيهم " وما الله بغافل عما تعلمون " يعمل هؤلاء اليهود.
ثم وصفهم فقال عز وجل " أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة " رضوا بالدنيا وحطامها بدلا من نعيم الجنان المستحق بطاعات الله " فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون " لا ينصرهم أحد يرفع عنهم العذاب (1).
41 - تفسير الإمام العسكري: قوله عز وجل: " ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا " إلى قوله: " ولبئس المهاد " (2) قال الإمام عليه السلام: فلما أمر الله عز وجل في الآية المتقدمة لهذه الآيات بالتقوى سرا وعلانية أخبر محمدا أن في الناس من يظهرها ويسر خلافها وينطوي على معاصي الله فقال: يا محمد " ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا " وباظهاره لك الدين والاسلام ويزينه بحضرتك بالورع والاحسان " ويشهد الله على ما في قلبه " بأن يحلف لك بأنه مؤمن مخلص مصدق لقوله بعمله " وإذا تولى " عنك أدبر " سعى في الأرض ليفسد فيها " ويعصي بالكفر المخالف لما أظهر لك، والظلم المباين لما وعد من نفسه، بحضرتك " ويهلك الحرث " بأن يحرقه أو يفسده، والنسل بأن يقتل الحيوانات فينقطع نسله " والله لا يحب الفساد " لا يرضى به ولا يترك أن يعاقب عليه.