وضبط السنة وحمايتها عن الكذب، ولا يكون حامله العداوة والتعصب وليس له إلا ذكر ما يحل بالشهادة والرواية منه، ولا يتعرض لغير ذلك مثل كونه ابن ملاعنة وشبهة، إلا أن يكون متظاهرا بالمعصية كما سيأتي.
السادس: أن يكون المقول فيه مستحقا لذلك لتظاهره بسببه، كالفاسق المتظاهر بفسقه، بحيث لا يستنكف من أن يذكر بذلك الفعل الذي يرتكبه، فيذكر بما هو فيه لا بغيره، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من ألقى جلباب الحياء عن وجهه، فلا غيبة له، وظاهر الخبر جواز غيبته وإن استنكف عن ذكر ذلك الذنب، وفي جواز اغتياب مطلق الفاسق احتمال ناش من قوله صلى الله عليه وآله: لا غيبة لفاسق، ورد بمنع أصل الحديث، أو بحمله على فاسق خاص أو بحمله على النهي، وإن كان بصورة الخبر، وهذا هو الأجود إلا أن يتعلق بذلك غرض ديني ومقصد صحيح يعود على المغتاب بأن يرجو ارتداعه عن معصيته بذلك، فيلحق بباب النهي عن المنكر.
السابع: أن يكون الانسان معروفا باسم يعرب عن غيبته كالأعرج والأعمش فلا إثم على من يقول ذلك، كأن يقول روى أبو الزناد الأعرج وسليمان الأعمش وما يجري مجراه فقد نقل العلماء ذلك لضرورة التعريف، ولأنه صار بحيث لا يكرهه صاحبه لو علمه بعد أن صار مشهورا به والحق أن ما ذكره العلماء المعتمدون من ذلك يجوز التعويل فيه على حكايتهم، وأما ما ذكره عن الاحياء فمشروط بعلم رضا المنسوب إليه لعموم النهي، وحينئذ يخرج عن كونه غيبة، وكيف كان فلو وجد عنه معدلا وأمكنه التعريف بعبارة أخرى فهو أولى، ولذلك يقال للأعمى: البصير عدولا عن اسم النقص.
الثامن: لو اطلع العدد الذين يثبت بهم الحد أو التعزير على فاحشة جاز ذكرها عند الحكام بصورة الشهادة في حضرة الفاعل وغيبته، ولا يجوز التعرض لها في غير ذلك إلا أن يتجه فيه أحد الوجوه الأخرى.
التاسع: قيل إذا علم اثنان من رجل معصية شاهداها فأجرى أحدهما ذكرها في غيبة ذلك العاصي جاز، لأنه لا يؤثر عند السامع شيئا، وإن كان الأولى تنزيه النفس