49 - تحف العقول: سأل الصادق عليه السلام سائل فقال: كم جهات معايش العباد التي فيها الاكتساب والتعامل بينهم ووجوه النفقات؟ فقال عليه السلام: جميع المعايش كلها من وجوه المعاملات فيما بينهم مما يكون لهم فيه المكاسب أربع جهات من المعاملات فقال له: أكل هؤلاء الأربعة أجناس حلال أو كلها حرام؟ أو بعضها حلال وبعضها حرام؟ فقال عليه السلام: قد يكون في هؤلاء الأجناس الأربعة حلال من جهة حرام حرام من جهة حلال (1) وهذه الأجناس مسميات معروفات الجهات.
فأول هذه الجهات الأربعة الولاية وتولية بعضهم على بعض فالأول ولاية الولاة وولاة الولاة، إلى أدناهم بابا من أبواب الولاية، عن من هو وال عليه، ثم التجارة في جميع البيع والشراء بعضهم من بعض ثم الصناعات في جميع صنوفها ثم الإجارات في كل ما يحتاج إليه من الإجارات، وكل هذه الصنوف تكون حلالا من جهة، وحراما من جهة، والفرض من الله على العباد في هذه المعاملات الدخول في جهات الحلال منها، والعمل بذلك الحلال، واجتناب جهات الحرام منها.
تفسير معنى الولايات: وهي جهتان: فإحدى الجهتين من الولاية ولاية ولاة العدل الذين أمر الله بولايتهم، وتوليتهم على الناس، وولاية ولاته، وولاة ولاته، إلى أدناهم بابا من أبواب الولاية على من هو وال عليه، والجهة الأخرى من الولاية ولاية ولاة الجور، وولاة ولاتهم إلى أدناهم بابا من الأبواب التي هو وال عليه.
فوجه الحلال من الولاية ولاية الوالي العادل الذي أمر الله بمعرفته وولايته والعمل له في ولايته، وولاية ولاته، وولاة ولاته، بجهة ما أمر الله به الوالي العادل بلا زيادة فيما أنزل الله ولا نقصان منه، ولا تحريف لقوله، ولا تعد لامره إلى غيره، فإذا صار الوالي والي عدل بهذه الجهة، فالولاية له والعمل معه ومعونته في ولايته وتقويته حلال محلل، وحلال الحسب معهم، وذلك أن في ولاية والي العدل وولاته إحياء كل حق وكل عدل، وإماتة كل ظلم وجور وفساد فلذلك كان الساعي في تقوية سلطانه، والمعين له على ولايته، ساعيا في طاعة الله