" ومن بغي عليه لينصرنه الله " " إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم " وقال تعالى: " فان بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي " فالبغي في أكثر المواضع مذموم انتهى (1) والمراد بتعجيل عقوبته أنها تصل إليه في الدنيا أيضا بل تصل إليه فيها سريعا، وروي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة، من البغي وقطيعة الرحم، إن الباطل كان زهوقا، وقال أمير المؤمنين عليه السلام: من سل سيف البغي قتل به، والظاهر أن ذلك من قبل الله تعالى عقوبة على البغي وزجرا عنه وعبرة، لا لما قيل: سر ذلك أن الناس لا يتركونه بل ينالونه بمثل ما نالهم أو بأشد، وتلك عقوبة حاضرة جلبها إلى نفسه من وجوه متكثرة انتهى.
وأقول: مما يضعف ذلك أنا نرى أن الباغي يبتلى غالبا بغير من بغي عليه.
16 - الكافي: عن علي، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب ويعقوب السراح جميعا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن البغي يقود أصحابه إلى النار، وإن أول من بغي على الله عناق بنت آدم فأول قتيل قتله الله عناق، وكان مجلسها جريبا في جريب وكان لها عشرون أصبعا في كل أصبع ظفران مثل المنجلين، فسلط الله عليها أسدا كالفيل، وذئبا كالبعير، ونسرا مثل البغل فقتلنها وقد قتل الله الجبابرة على أفضل أحوالهم وآمن ما كانوا (2).
بيان: كان مجلسها جريبا قال في المصباح: الجريب الوادي ثم استعير للقطعة المميزة من الأرض، فقيل: فيها جريب، ويختلف مقدارها بحسب اصطلاح أهل الأقاليم كاختلافهم في مقدار الرطل والكيل والذراع. وفي كتاب المساحة اعلم أن مجموع عرض كل ست شعيرات معتدلات يسمى أصبعا، والقبضة أربع أصابع والذراع ست قبضات وكل عشرة أذرع يسمى قصبة، وكل عشر قصبات يسمى أشلا، وقد يسمى مضروب الأشل في نفسه جريبا ومضروب الأشل في القصبة قفيزا ومضروب الأشل في الذراع عشيرا، فحصل من هذا أن الجريب عشرة آلاف ذراع