الرد كذبا مثل أن يقول البادي: يا سارق وهو صادق فيقول الراد: بل أنت سارق، وهو كاذب أو يكون الأول قذفا مثل أن يقول البادي: يا زاني فيقول الراد: بل أنت الزاني، فالظاهر أن إثم الرد على الراد.
وبالجملة إنما يكون الانتصار إذا كان السب مما تعارف السب به عند التأديب كالأحمق والجاهل والظالم وأمثالها، فأمثال هذه إذا رد بها لا إثم على الراد، ويعود إثمه على البادي.
وأقول (1): الآيات والأخبار الدالة على جواز المعارضة بالمثل كثيرة فمن الآيات قوله تعالى " فمن اعتدى عليكم " قال الطبرسي رحمه الله: أي ظلمكم " فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " أي فجازوه باعتدائه، وقابلوه بمثله، والثاني ليس باعتداء على الحقيقة، ولكن سماه اعتداء لأنه مجازاة اعتداء، وجعله مثله، و إن كان ذلك جورا، وهذا عدلا، لأنه مثله في الجنس وفي مقدار الاستحقاق، و لأنه ضرر كما أن ذلك ضرر، فهو مثله في الجنس والمقدار والصفة قال: وفيها دلالة على أن من غصب شيئا وأتلفه يلزمه رد مثله، ثم إن المثل قد يكون من طريق الصورة في ذوات الأمثال، ومن طريق المعنى، كالقيمة فيما لامثل له (2).
وقال المحقق الأردبيلي رحمه الله: واتقوا الله باجتناب المعاصي فلا تظلموا ولا تمنعوا عن المجازاة، ولا تتعدوا في المجازاة عن المثل والعدل وحقكم، ففيها دلالة على تسليم النفس وعدم المنع عن المجازاة والقصاص، وعلى وجوب الرد على الغاصب المثل أو القيمة، وتحريم المنع والامتناع عن ذلك، وجواز الاخذ بل وجوبه إذا كان تركه إسرافا، فلا يترك إلا أن يكون حسنا، وتحريم التعدي والتجاوز عن حده بالزيادة صفة أو عينا، بل في الاخذ بطريق يكون تعديا ولا يبعد أيضا جواز الاخذ خفية أو جهرة من غير رضاه على تقدير امتناعه من الاعطاء كما قاله الفقهاء من طريق المقاصة ولا يبعد عدم اشتراط تعذر إثباته عند الحاكم، بل على تقدير الامكان أيضا، ولا إذنه بل يستقل وكذا في غير المال من الأذى فيجوز