أمرنا الورع، فتزينوا به يرحمكم الله، وكبدوا أعداءنا ينعشكم الله (1) وفي الصحيح عن سليمان بن خالد عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: يا سليمان أتدري من المسلم؟
قلت: جعلت فداك أنت أعلم، قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده، ثم قال:
أو تدري من المؤمن؟ قلت: أنت أعلم، قال: المؤمن من ائتمنه المؤمنون على أنفسهم وأموالهم، وعن ابن خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أقر بدين الله فهو مسلم، ومن عمل بما أمر الله فهو مؤمن.
ثم ذكر بعض الأخبار التي مضت في معنى الايمان وصفات المؤمن، ثم قال قدس سره: وورد أيضا في عدة أخبار تعليق تحريم الغيبة على أمور زائدة على مجرد اعتقاد الحق، منها حديث ابن أبي يعفور المتضمن لبيان معنى العدالة التي تقبل معها شهادة الشاهد، وهو طويل مذكور في مواضع كثيرة من كتب أصحابنا ومنها ما رواه الكليني باسناده السابق عن ابن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، كان ممن حرمت غيبته، وكملت مروته، وظهر عدله، ووجبت اخوته (2).
وبملاحظة هذه الأخبار يظهر أن المنع من غيبة الناس كما يميل إليه كلام الشهيد الأول في قواعده والثاني في رسالته ليس بمتجه، فان دلالتها على اختصاص الحكم بغيره أظهر من أن يبين، وأما ما أورده الوالد قدس سره في رسالته من الاخبار التي يظهر منها عموم المنع كلها من أخبار العامة فلا تصلح لاثبات حكم شرعي، وعذره في إيرادها أنه إنما ذكرها في سياق الترهيب، و شأنهم التسامح في مثله، وقد سبقه إلى ذكره على النهج الذي سلكه بعض العامة يعني الغزالي - فسهل عليه إيرادها وإلا فهي غير مستحقة لتعب تحصيلها وجمعها وخصوصا مع وجود الداعي لهم إلى اختلاق مثلها، فان كثرة عيوب أئمتهم و نقائص رؤسائهم يحوج إلى سد باب إظهارها بكل وجه ليروج حالهم، ويأمنوا