يكفيني أنا وولدي أفآخذ من غير علمه؟ فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف فذكرت الشح لها ولولدها ولم يزجرها رسول الله صلى الله عليه وآله إذ كان قصدها الاستفتاء.
وأقول: الأحوط حينئذ التعريض لكون الخبر عاميا مع أنه يحتمل أن يكون عدم المنع لفسق أبي سفيان ونفاقه. ثم قال:
الرابع: تحذير المسلم من الوقوع في الخطر والشر، ونصح المستشير، فإذا رأيت متفقها يتلبس بما ليس من أهله، فلك أن تنبه الناس على نقصه وقصوره عما يؤهل نفسه له، وتنبيههم على الخطر اللاحق لهم بالانقياد إليه، وكذلك إذا رأيت رجلا يتردد إلى فاسق يخفى أمره، وخفت عليه من الوقوع بسبب الصحبة فيما لا يوافق الشرع، فلك أن تنبههه على فسقه مهما كان الباعث لك الخوف على إفشاء البدعة وسراية الفسق، وذلك موضع الغرور والخديعة من الشيطان، إذ قد يكون الباعث لك على ذلك هو الحسد له على تلك المنزلة فيلبس عليك الشيطان ذلك باظهار الشفقة على الخلق، وكذلك إذا رأيت رجلا يشتري مملوكا وقد عرفت المملوك بعيوب مستنقصة فلك أن تذكرها للمشتري، فان في سكوتك ضررا للمشتري، وفي ذكرك ضررا للعبد، لكن المشتري أولى بالمراعاة، ولتقتصر على العيب المنوط به ذلك الامر، فلا تذكر في عيب التزويج ما يخل بالشركة أو المضاربة أو السفر مثلا، بل تذكر في كل أمر ما يتعلق بذلك الامر، ولا تتجاوزه قاصدا نصح المستشير لا الوقيعة، ولو علم أنه يترك التزويج بمجرد قوله: لا يصلح لك، فهو الواجب، فان علم أنه لا ينزجر إلا بالتصريح بعيبه، فله أن يصرح به، قال النبي صلى الله عليه وآله: أترعوون عن ذكر الفاجر حتى يعرفه الناس؟
اذكروه بما فيه يحذره الناس، وقال صلى الله عليه وآله لفاطمة بنت قيس حين شاورته في خطابها: أما معاوية فرجل صعلوك لامال له، وأما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقه.
الخامس: الجرح والتعديل للشاهد والراوي، ومن ثم وضع العلماء كتب الرجال وقسموهم إلى الثقات والمجروحين، وذكروا أسباب الجرح غالبا ويشترط إخلاص النصيحة في ذلك كما مر بأن يقصد في ذلك حفظ أموال المسلمين