نقصانهما، ويمكن الغنا عنه بقيد كراهة النسبة إليه، والثاني التنبيه على ما يكره نسبته إليه الخ وهو أعم من الأول، لشمول مورده اللسان والإشارة والحكاية وغيرها وهو أولى لما سيأتي من عدم قصر الغيبة على اللسان، وقد جاء على المشهور قول النبي صلى الله عليه وآله هل تدرون ما الغيبة؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته.
وتحريم الغيبة في الجملة إجماعي بل هو كبيرة موبقة للتصريح بالتوعد عليها بالخصوص في الكتاب والسنة، وقد نص الله على ذمها في كتابه، وشبه صاحبها بآكل لحم الميتة، فقال " ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه " (1) وعن جابر وأبي سعيد الخدري قالا: قال النبي صلى الله عليه وآله: إياكم والغيبة، فان الغيبة أشد من الزنا إن الرجل قد يزني ويتوب فيتوب الله عليه، وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه، وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله مررت ليلة أسري بي على قوم يخمشون وجوههم بأظافيرهم، فقلت: يا جبرئيل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يغتابون الناس ويقعون في أعراضهم، وعنه قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله فذكر الربا وعظم شأنه فقال: إن الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ست وثلاثين زنية يزنيها الرجل وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم وأوحى الله عز وجل إلى موسى بن عمران أن المغتاب إذا تاب فهو آخر من يدخل الجنة وإن لم يتب فهو أول من يدخل النار، وروي أن عيسى عليه السلام مر والحواريون على جيفة كلب فقال الحواريون:
ما أنتن ريح هذا؟ فقال عيسى عليه السلام: ما أشد بياض أسنانه كأنه ينهاهم عن غيبة الكلب، وينبههم على أنه لا يذكر من خلق الله إلا أحسنه.
وقيل في تفسير قوله تعالى " ويل لكل همزه لمزة ": الهمزة الطعان في الناس واللمزة الذي يأكل لحوم الناس، وقال بعضهم: أدركنا السلف لا يرون