المأمون الغلام، وتولى إتمام وضوئه بنفسه (1) انتهى.
وأقول: الرواية الأخيرة تدل على أن المراد بالشرك هنا الاستعانة في العبادة، وهو مخالف لسائر الاخبار، ويمكن الجمع بحملها على الأعم منها فان الاخلاص التام هو أن لا يشرك لا في القصد ولا في العمل غيره سبحانه.
" تزكية الناس " أي مدحهم " أن يسمع به " على بناء الافعال " ما من عبد أسر خيرا " أي عملا صالحا بأن أخفاه عن الناس لئلا يشوب بالرياء أو أخفى في قلبه نية حسنة خالصة " فذهبت الأيام أبدا " قوله: " أبدا " متعلق بالنفي في قوله:
" ما من عبد " حتى يظهر الله له خيرا " " حتى " للاستثناء أي يظهر الله ذلك العمل الخفي للناس أو تلك النية الحسنة، وصرف قلوبهم إليه ليمدحوه ويوقروه فيحصل له مع ثناء الله ثناء الناس.
وعلى الاحتمال الأول يدل على أن إسرار الخير أحسن من إظهاره، ولكل فايدة أما فائدة الاسرار فالتحرز من الرياء، وأما فائدة الاظهار فترغيب الناس في الاقتداء به وتحريكهم إلى فعل الخير، وقد مدح الله كليهما، وفضل الاسرار في قوله سبحانه: " إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم " (2).
ويظهر من بعض الأخبار أن الاخفاء في النافلة أفضل، والابداء في الفريضة أحسن، ويمكن القول باختلاف ذلك بحسب اختلاف أحوال الناس، فمن كان آمنا من الرياء، فالاظهار منه أفضل، ومن لم يكن آمنا فالاخفاء أفضل، والأول أظهر لتأييده بالخبر.
قال المحقق الأردبيلي رحمه الله: المشهور بين الأصحاب أن الاظهار في الفريضة أولى سيما في المال الظاهر، ولمن هو محل التهمة لرفع تهمة عدم الدفع وبعده عن الرياء، ولان يتبعه الناس في ذلك، والاخفاء في غيرها ليسلم من الرياء