عندنا شرطا في استحقاق الثواب بالايمان، لان وجوه الافعال وشروطها التي يستحق بها ما يستحق، لا يجوز أن تكون منفصلة عنها ولا متأخرة عن وقت حدوثها، والموافاة منفصلة عن وقت حدوث الايمان، فلا يكون وجها ولا شرطا في استحقاق الثواب.
لا يقال: الثواب إنما يستحقه العبد على الفعل كما هو مذهب العدلية، والايمان ليس فعلا للعبد وإلا لما صح الشكر عليه، لكن التالي باطل إذ الأمة مجتمعة على وجوب شكر الله تعالى على نعمة الايمان، فيكون الايمان من فعل الله تعالى إذ لا يشكر على فعل غيره، وإذا لم يكن من فعل العبد فلا يستحق عليه ثوابا فلا يتم دليله، على أنه لا يتعقبه كفر، لان مبناه على استحقاق الثواب على الايمان.
لأنا نقول: بل هو من فعل العبد ونلتزم عدم صحة الشكر عليه، ونمنع بطلانه، قولك في إثباته " الأمة مجتمعة " الخ قلنا الشكر إنما هو على مقدمات الايمان وهي تمكين العبد من فعله، وإقداره عليه، وتوفيقه على تحصيل أسبابه وتوفيق ذلك له، لا على نفس الايمان الذي هو فعل العبد، فان ادعي الاجماع على ذلك سلمناه، ولا يضرنا، وإن ادعي الاجماع على غيره منعناه فلا ينفعهم.
والاعتراض عليه رحمه الله من وجوه أحدها توجه المنع إلى المقدمة القابلة بأن الموافاة ليست شرطا في استحقاق الثواب، وما ذكره في إثباتها من أن وجوه الافعال وشروطها التي يستحق بها ما يستحق لا يجوز أن تكون منفصلة عنها، والموافاة منفصلة عن وقت الحدوث، فلا يكون وجها. لا دلالة له على ذلك، بل إن دل فإنما يدل على أن الموافاة ليست من وجوه الافعال، لكن لا يلزم من ذلك أن لا يكون شرطا لاستحقاق الثواب، فلم لا يجوز أن يكون استحقاق الثواب مشروطا بوجوه الافعال مع الموافاة أيضا، لابد لنفي ذلك من دليل.
ثانيها الآيات الكريمة التي مر بعضها، فإنها تدل على إمكان عروض الكفر بعد الايمان بل بعضها على وقوعه، وأجاب السيد عن ذلك بأن المراد والله أعلم من وصفهم بالايمان الايمان اللساني دون القلبي، وقد وقع مثله كثيرا في القرآن