عمم الكلام حتى يدخل فيه العلماء الربانيون، فالمراد به أنه علم فضلهم بالآيات الدالة على فضل العلماء كقوله تعالى: " إنما يخشى الله من عباده العلماء " (1) و قوله عز وجل " هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون " (2) وقوله سبحانه " ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا " (3) إلى غير ذلك من الآيات، وقيل:
" به علموا " لاشتهارهم به عند الناس " وبهم قام الكتاب " أي بهم صارت أحكامه قائمة في الخلق معمولا بها " وبه قاموا " أي ارتفعت منزلتهم،، وفازوا بالزلفى بالعمل بما فيه، أو ببركته انتظم الامر في معاشهم، وقال بعض الشارحين:
أي قاموا بأوامره ونواهيه، فلا يكون الباء مثلها في " بهم قام الكتاب " وقال بعضهم: (بهم قام الكتاب) لأنهم قرروا البراهين على صدقه وصحته " وبه قاموا " أي باتباع أوامر الكتاب، لأنه لولا تأدبهم بآداب القرآن، وامتثالهم أوامره لما أغنى عنهم علمهم شيئا.
" ودون ما يخافون " أي غير ما يخافون من عذاب الآخرة، والبعد من رحمة الله، وفي بعض النسخ " فوق ما يخافون ".
قوله عليه السلام " أيها المعلل نفسه " أقول: بعض هذه الفقرات مذكورة في كلام له عليه السلام ذكره حين سمع رجلا يذم الدنيا كما سيأتي وقال الجوهري: علله بالشئ أي لهاه به كما يعلل الصبي بشئ من الطعام يتجزأ به عن اللبن، يقال:
فلان يعلل نفسه بتعلة وتعلل به أي تلهى به وتجزء، وقال: الركض تحريك الرجل، وركضت الفرس برجلي إذا استحثثته ليعدو، ثم كثر حتى قيل: ركض الفرس إذا عدا، والحبائل جمع الحبالة وهي التي يصاد بها، أي تركض لاخذ ما وقع في الحبائل التي نصبتها في الدنيا، كناية عن شدة الحرص في تحصيل متمنياتها أو المعنى نصب لك الشيطان مصائد فيها، ليصطادك بها، وأنت تركض إليها حتى