بألسنتهم له، فيلزم أن يكونوا كذبوا بألسنتهم ولم يكذبوا بها، وبطلانه ظاهر فيجب تنزيه القرآن العزيز عنه.
ولك أن تقول: لم لا يجوز أن يكون المعنى لا يكذبونك بألسنتهم ولكن يجحدون نبوتك بقلوبهم كما أخبر الله تعالى عن المنافقين في سورتهم حيث قالوا:
" نشهد إنك لرسول الله " (1) وكذبهم الله تعالى حيث شهد سبحانه وتعالى بكذبهم فقال " والله يشهد إن المنافقين لكاذبون " والمراد في شهادتهم أي فيما تضمنته من أنها عن صميم القلب وخلوص الاعتقاد كما ذكره جماعة من المفسرين حيث لم توافق عقيدتهم فقد علم من ذلك أنهم لم يكذبوه بألسنتهم، بل شهدوا له بها ولكنهم جحدوا ذلك بقلوبهم حيث كذبهم الله تعالى في شهادتهم. والجواب، التكذيب لهم ورد على نفس شهادتهم التي هي باللسان، لا على نفس عقيدتهم، وبالجملة فهذا لا يصلح نظيرا لما نحن فيه، على أن معنى الجحد كما قرروه هو الانكار باللسان، مع تصديق القلب، وما ذكر من الاحتمال عكس هذا المعنى.
ثم قال: والثاني باطل أما أولا فبالاتفاق من الامامية وأما ثانيا فلقوله تعالى: " قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا " (2) ولا شك أنهم كانوا صدقوا بألسنتهم، وحيث لم يكن كافيا نفى الله تعالى عنهم الايمان مع تحصله وقوله تعالى " ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الاخر وما هم بمؤمنين " (3) فأثبت لهم الاقرار والتصديق باللسان ونفى إيمانهم فثبت بذلك أن الايمان هو التصديق مع الاقرار.
ثم قال: لا يقال: لو كان الاقرار باللسان جزء الايمان للزم كفر الساكت لأنا نقول لو كان الايمان هو العلم أي التصديق لكان النائم غير مؤمن، لكن لما كان النوم لا يخرجه عن كونه مؤمنا بالاجماع مع كونه أولى بأن يخرج النائم عن