يتوقف على معرفته، وهي لا تحصل بالظنيات كالتقليد وغيره لاحتمال كذب المخبر، وخطأ الامارة، فلابد من النظر المفيد للعلم، ثم قال: وهذا الدليل إنما يستقيم على قاعدة الحسن والقبح، والأشاعرة ينكرون ذلك، لكن كما يدل على وجوب المعرفة بالدليل، يدل أيضا على كون الوجوب عقليا، واعترض أيضا بأنه مبني على وجوب مالا يتم الواجب المطلق إلا به، وفيه أيضا منوع للأشاعرة.
ومن ذلك أن الأمة أجمعت على وجوب المعرفة، والتقليد وما في حكمه لا يوجب العلم إن أوجبه لزم اجتماع الضدين في مثل تقليد من يعتقد حدوث العالم ويعتقد قدمه، وقد اعترض على هذا بمنع الاجماع كيف والمخالف معروف بل عورض بوقوع الاجماع على خلافه، وذلك لتقرير النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه العوام على إيمانهم، وهم الأكثرون في كل عصر، مع عدم الاستفسار عن الدلائل الدالة على الصانع وصفاته، مع أنهم كانوا لا يعلمونها، وإنما كانوا مقرين باللسان ومقلدين في المعارف، ولو كانت المعرفة واجبة لما جاز تقريرهم على ذلك مع الحكم بايمانهم، وأجيب عن هذا بأنهم كانوا يعلمون الأدلة إجمالا كدليل الاعرابي حيث قال " البعرة تدل على البعير، وأثر الاقدام على المسير، أفسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج، لا تدلان على اللطيف الخبير "؟ فلذا أقروا ولم يسألوا عن اعتقاداتهم أو أنهم كان يقبل منهم ذلك للتمرين، ثم يبين لهم ما يجب عليهم من المعارف بعد حين.
ومن ذلك الاجماع على أنه لا يجوز تقليد غير المحق وإنما يعلم المحق من غيره بالنظر في أن ما يقوله حق أم لا؟ وحينئذ فلا يجوز له التقليد إلا بعد النظر والاستدلال وإذا صار مستدلا امتنع كونه مقلدا، فامتنع التقليد في المعارف الإلهية، ونقض ذلك بلزوم مثله في الشرعيات، فإنه لا يجوز تقليد المفتي إلا إذا كانت فتياه عن دليل شرعي، فان اكتفي في الاطلاع على ذلك بالظن وإن كان مخطئا في نفس الامر لحط ذلك عنه فليجز مثله في مسائل الأصول، وأجيب بالفرق بأن الخطأ