وهذه الوصول هي العصب، وهو جوهر لدن (1) علك مستطيل مصمت عند الحس غير العصبة المجوفة التي في العين، فائدته بالذات إفادة الدماغ بتوسطه لسائر الأعضاء حسا وحركة، وبالعرض تشديد اللحم وتقوية البدن. وليس يتصل بالعظم مفردة ولكن بعد اختلاطها باللحم والرباط، وذلك لان الأعصاب لو اتصلت مفردة بعضو عظيم لكانت إما أن لا تقدر على أن تحركه البتة وإما أن يكون تحريكها له تحريكا ضعيفا، وخصوصا عندما تتوزع وتنقسم وتنشعب في الأعضاء وتصير حصة العضو الواحد أدق كثيرا من الأصل، وعند ما يتباعد من مبدئه ومنبته. ومن أجل ذلك ينقسم العصب قبل بلوغه إلى العضو الذي أريد تحريكه به وينسج في ما بين تلك الأقاسم اللحم وشظايا من الرباط، فيتكون من جميع ذلك شئ يسمى عضلا ويكون عظمه وصغره وشكله بمقدار العضو الذي أريد تحريكه وبحسب الحاجة إليه ووضعه في الجهة التي يراد أن يتحرك إليها ذلك العضو.
ثم ينبت من الطرف الذي يلي العضو المتحرك من طرفي العضلة شئ يسمي وترا، وهو جسم مركب من العصب الآتي إلى ذلك العضو ومن الرباط النابت من العظام وقد خلص من اللحم فيمر حتى يتصل بالعضو الذي يريد تحريكه بالطرف الأسفل فيلتثم بهذا التدبير أن يعرض قليل نشج للعضلة نحو أصلها بجذب الوتر جذبا قويا وأن يتحرك العضو بكليته لان الوتر متصل منه بطرفه الأسفل.
وقد يتعدد الأوتار لعضل واحد إذا كان كبيرا، وربما تعاونت عدة عضل على تحريك عضو واحد. وربما لا يكون للعضل وتر لصغره جدا. وكل عضو يتحرك حركة إرادية فان له عضلة بها تكون حركته، فإن كان يتحرك إلى جهة متضادة كانت له عضلات متضادة المواضع تجذبه كل واحدة منها إلى ناحيتها عند كون تلك الحركة وتمسك المضادة لها عن فعلها، وإن عملت المتضادتان في وقت واحد استوى العضو وتمدد وقام. مثلا: الكف إذا مدها العضل الموضوع في باطن الساعد، انثنى