شيئين عندما تزول إحدى الحدقتين إلى فوق أو إلى أسفل، فتبطل به استقامة نفوذ المجرى إلى التقاطع، ويعرض قبل الحد المشترك حد مشترك آخر لانكسار العصبة وكذلك كل من استرخى أعضاؤه وتمايلت حدقتاه كالسكارى.
ومن هذا القبيل الإحساس بشيئين عن شئ واحد لمن يلوي إصبعه الوسطى على السبابة وأدار بهما شيئا مدورا فإن الوسطى تحس عن محاذاة الأعلى، والسبابة عن محاذاة الأسفل، ولان يستدعم كل عصبة بالأخرى ويستند إليها ويصير كأنها نبتت من قرب الحدقة، فيكون اندفاع النور إلى العين أقوى، مثل مجمع الماء الذي يتخذ للماء القليل، ولأنه لولا هذا الالتقاء لكانت العصبتان عند كل نظرة وتحديق والتفات تتمايلان وتتزايل إحدى الحدقتين عن محاذاة الأخرى، فيكون أكثر الناس في أكثر الأحوال يرى الشئ الواحد شيئين.
واما الجفن فمنشأه من الجلد الذي على ظاهر القحف، وفائدته أن يمنع نكاية ما يلاقي الحدقة من خارج، ويمنع عند انطباقها وصول الغبار والدخان والشعاع، ويصقل الحدقة دائما ويبعد عنها ما أصابها من الهباء والقذى. وجعل الأسفل أصغر من الأعلى لان الأعلى يستر الحدقة مرة ويكشفها أخرى بتحركه وأما الأسفل فغير متحرك، فلو زيد على هذا القدر يستر شيئا من الحدقة دائما وكان (1) تجتمع فيه الفضول ولا تسيل.
واما الأهداب فتمنع من الحدقة بعض الأشياء التي لا يمنعها الجفن مع انفتاح العين، كما يرى عند هبوب الرياح التي تأتي بالقذى، فيفتح أدنى فتح، وتتصل الأهداب الفوقانية بالسفلانية، فيحصل له شبه شباك ينظر من ورائها فتحصل الرؤية مع اندفاع القذى.
واما الاذن فهو مخلوق من العصب واللحم والغضروف، وخلق مرتفعا كالشراع (2) ليجتمع فيه الهواء الذي يتحرك من قوة صوت الصائت ويطن فيه