فحسب، لان الدماغ بمنزلة العين والينبوع لذلك، والنخاع بمنزلة النهر العظيم الجاري منه، والأعصاب بمنزلة الجداول. وأول (1) مبادئ الأعصاب الخارجة من الدماغ والنخاع تكون لينة شبيهة بهما، ثم إنها تصلب متى تباعدت منهما حتى يصير عصبا تام النوع.
ثم اعلم أن العضلات كلها مجللة بغشاء لطيف، وكذلك جميع الأحشاء مجللة بأغشية والغشاء جسم لطيف رقيق منتسج من العصب والرباط ليفيد العضو الذي هو غشاء له ومحيط به مما لا حس له الحس والشعور العرضيين، فيتبادر إلى دفع الألم في الجملة وليحفظ أيضا الأعضاء على أشكالها وأوضاعها ويصونها (2) عن التبدد والتفرق، وليربطها بواسطة العصب والرباط الذي يشظى إلى ليفها بعضو آخر.
وجميع الأشياء الملفوفة في الغشاء مما هو داخل الأضلاع فمنبت غشائها من أحد غشائي الصدر والبطن المستبطنين والأعضاء اللحمية، إما ليفية كلحم العضل، وأما ليس فيها ليف كالكبد ولا شئ من الحركات إلا بالليف، أما الإرادية فبسبب ليف العضل، وأما الطبيعية كحركة الرحم والعروق، والمركبة كحركة الازدراد فبليف مخصوص بهيئة من وضع الطول والعرض والتورب وللجذب الليف المطول (3) وللدفع الليف الذاهب عرضا العاصر، وللامساك الليف المؤرب.
وأما العروق فنوعان: إحداهما النابضة الضوارب. ومنبتها القلب، ويسمى بالشرايين، ولها حركتان: انقباضية، وانبساطية، وشأنها أن تنفض البخار الدخاني من القلب بحركتها الانقباضية، وتجذب بحركتها الانبساطية نسيما طيبا صافيا يستريح به القلب ويستمد منه الحرارة الغريزية، وبهذه الحركة ينتشر الروح والقوة الحيوانية والحرارة الغريزية في جميع البدن.
وخلقت كلها ذات صفاقين، احتياطا في وثاقة جسميتها، لئلا تنشق بسبب