وينفذ في المنفذ الذي في عظم صلب يسمى " الحجري " ويحرك الهواء الذي هو داخل الاذن ويموجه كما يرى من دوائر الماء لما وقع فيه، فيقع هناك على جلدة مفروشة على عصة مقعرة كمد الجلد الطبل، فيحصل طنين يشعر بهيئته القوة السامعة للأصوات المودعة في تلك العصبة بتوسط ما هو وراءها من جوهر الروح. وذلك المنفذ كثير التعاريج والعطفات، وعند نهايته تجويف يسمى بالجوفة، والعصبة على حواليها وإنما جعل كذلك لتطول به مسافة ما ينفذه من قوة الصوت والرياح الحارة والباردة فينفذ فيه وهي مكسورة القوى فاترة.
وحال تلك العصبة في السمع كحال الرطوبة الجليدية في الابصار، ومحلها مثل محلها وكما أن جميع أجزاء العين خلقت إما خادمة للجليدية وإما وقاية لها كذلك جميع أجزاء الاذن خلقت خادمة لهذا العصب. وفائدة الصماخ فائدة الثقبة العنبية. والصدى إنما هو لانعطاف الهواء المصادم لجبل أو غيره من عالي أرض، وهي كرمي حصاة في طاس مملوء ماء، فيحصل منه دوائر متراجعة من المحيط إلى المركز. وقيل: إن لكل صوت صدى، وفي البيوت إنما لم يقع الشعور لقرب المسافة، فكأنهما يقعان في زمان واحد، ولهذا يسمع صوت المغنى في البيوت أقوى مما في الصحراء.
وأما الانف فهو مخلوق من العظم والغضروف ما خلا العضلات المحركة.
وبيان هيئة أن له عظمين هما كالمثلثين تلتقي زاويتاهما من فوق وقاعدتاهما تتماسان عند زاوية وتتفارقان بزاويتين، وعلى طرفيهما السافلين غضروفان لينان، وفيما بينهما على طول الدرز غضروف حده الأعلى أصلب من الأسفل، ومجراه إذا علا انقسم قسمين يفضي أحدهما إلى أقصى الفم، وبه يكون استنشاق الهواء إلى الرئة والتنفس الجاري على العادة، لا الكائن بالفم، ويمر الآخر صاعدا حتى ينتهي إلى العظم الشبيه بالمصفي الموضوع في وجه زائدتي الدماغ المشبهتين بحملتي الثدي، وبه يكون تنفض (1) الفضول من الدماغ واستنشاق الهواء إليه والتنفس. وبالزائدتين حس الشم، إذا هما محل القوة الشامة للروائح بتوسط الهواء المنفعل بها، ومحليتهما