بانضمامها يضيق الحنجرة عند السكوت، ويتباعد أحدهما عن الآخر ويتسع عند الكلام. والثالث مثل مكبة بينه وبين الذي من خلف مفصل يلتئم بزائدتين من ذلك تتهندمان (1) في فقرتين منه، ويرتبط هناك برباطات، وهو يتحرك بهذا المفصل، وبانكبابه عليهما تنغلق الحنجرة وبتجافيه عنهما تنفتح.
والحاجة إلى انغلاق الحنجرة عند الأكل والشرب شديدة جدا، لئلا يقع أو ينقطر في قصبة الرئة شئ من المأكول والمشروب، وذلك لان قصبة الرئة والمرئ متجاوران متلاصقان مربوط أحدهما بالآخر، وعند انغلاق الحنجرة يمر الطعام والشراب على ظهر الغضروف المكبي وينزل في المرئ، وإذا انفتحت الحنجرة على غفلة من الانسان بأن يبتلع ويتصوت أو يتنفس في حالة واحدة ربما وقع شئ من المأكول والمشروب في قصبة الرئة فتحدث فيها دغدغة وحالة مؤذية شبيهة بما يحدث في الانف عند اجتلاب العطاس بإدخال شئ فيه، فتستقبله القوة الدافعة لدفعه. فيورث السعال إلى أن يندفع قل أم كثر، لان القصبة إنما تنتهي إلى الرئة، وليس لها منفذ من أسفلها يندفع فيها، فأنعم الخالق سبحانه بتأليف الحنجرة من هذه الغضاريف على هذا الشكل ليغلق بها عند الأكل والشرب منفذ الصوت والتنفس، فيسلم الانسان ويتخلص من السعال المغلق، ولهذا لا يجمع الازدراد والتنفس معا في حالة واحدة.
وفي داخل الحنجرة رطوبة لزجة دهنية تملسها وترطبها دائما ليخرج الصوت صافيا حسنا، ولهذا ما يذهب أصوات المحمومين الذين تحترق رطوبات حناجرهم بسبب حمياتهم المحرقة، ويذهب أيضا أو يضعف أو يتغير أصوات المسافرين في الفيافي المحترقة، (2) وكذلك كل من تكلم كثيرا تجف حنجرته فلا يقدر على التكلم إلا بعد أن يرطب حلقه أو يبلع ريقه. والفائدة في دهنيتها أن لا يجف بالسرعة ولا يفنى وأن تسلس بها حركات الحنجرة.