يحاذي الجليدية ثقب يتسع ويضيق في حال دون حال بمقدار حاجة الجليدية إلى الضوء، فيضيق في الضوء الشديد ويتسع في الظلمة، وبانسداده يبطل الابصار، وهو مثل ثقب حب عنب ينزع من العنقود، وهو الحدقة، وفيها رطوبة لطيفة وروح، ولهذا يبطل الناظر عند الموت. ويسمى هذا الغشاء " الطبقة العنبية ".
ويعلو هذه الطبقة ويغشاها جسم كثيف صاف صلب يشبه صفحة صلبة رقيقة من قرن أبيض، وتسمى " القرنية " غير أنها تتلون بلون الطبقة التي تحتها المسماة عنبية، كما تلصق وراء جام من زجاج شيئا ذا لون، فيميل ذلك المكان من الزجاج إلى لون ذلك الشئ. ويعلو هذا ويغشاه - لكن لا كله بل إلى موضع سواد العين - لحم أبيض دسم مشف مختلط بالعضلات المحركة للعين غليظ ملتحم عليه تسمى ب " الملتحمة " وهو بياض العين، وينشأ من الغشاء الذي على القحف من خارج كما ينشأ القرنية من الطبقة الصلبة، والعنبية من الطبقة المشيمية، والعنكبوتية من الشبكية، وكل يجذب الغذاء من التي هي منشأها، فإنها تتغذى بنصيبها وتؤدي الباقي إليها.
وألوان العيون باعتبار اختلاف ألوان الطبقة العنبية أربعة: كحلاء وزرقاء وشهلاء وشعلاء. وسبب الكحل إما قلة الروح وعدم إشراقها على جميع أجزاء العين أو كدورتها وقلة إشراقها على لون العنبية أو صغر الجليدية أو غورها وكونها داخلة جدا فلا يظهر صفاؤها كما ينبغي، أو كثرة الرطوبة البيضية أو كدورتها فتسير بريق الجليدية، أو شدة سواد العنبية، فإذا اجتمعت هذه الأسباب كانت العين شديدة الكحل.
وأسباب الزرقة أضداد ذلك، وإذا اختلطت أسباب الكحل والزرقة وتكافأت كانت العين شهلاء وإذا زادت أسباب الزرقة على أسباب الكحل كانت شعلاء.
وإنما خلقت هذه الطبقة على هذا اللون لأنه أوفق الألوان لنور البصر، إذ الأبيض يفرق نوره، والأسود يجمعه ويكثفه، والآسمانجوني لاعتداله يجمع النور جمعا معتدلا ويقويه. وإنما خلقت غليظة لتمنع عن إشراق الشمس على نور