أكثر الأشاعرة، ومن الملائكة السفلية بالاتفاق، وعامة البشر من المؤمنين أيضا أفضل من عامة الملائكة، وعند المعتزلة وأبي عبد الله الحليمي (1) والقاضي أبي بكر منا الملائكة أفضل، والمراد بالأفضل أكثر ثوابا، وذلك أن عبادة الملائكة فطرية لا مزاحم لهم عنها بخلاف عبادة البشر، فإن لهم مزاحمات فتكون عبادتهم أشق، وقال النبي صلى الله عليه وآله " أفضل الأعمال أضرها (2) " أي أشقها.
قلت: وعلى هذا يندفع ما يتوهم أن إساءة الأدب مع الملائكة كفر ومع آحاد المؤمنين ليس بكفر، فتكون الملائكة أفضل، لان ذلك يدل على أن كون الملك أشرف بسبب كثرة مناسبته مع المبدأ في النزاهة وقلة الوسط، لا على أنه أفضل بمعنى كونه أكثر ثوابا.
وقال شارح المقاصد: ذهب جمهور أصحابنا والشيعة إلى أن الأنبياء أفضل من الملائكة خلافا للمعتزلة والقاضي وأبي عبد الله الحليمي، وصرح بعض أصحابنا بأن عوام البشر من المؤمنين أفضل من عوام الملائكة، وخواص الملائكة أفضل من عوام البشر أي غير الأنبياء. لنا وجوه عقلية ونقلية:
الأولى: أن الله تعالى أمر الملائكة بالسجود لآدم، والحكيم لا يأمر بسجود الأفضل للأدنى، وإباء إبليس واستكباره والتعليل بأنه خير من آدم لكونه من نار وآدم من طين يدل على أن المأمور به كان سجود تكرمة وتعظيم، لا سجود تحية وزيارة، ولا سجود الأعلى للأدنى إعظاما له ورفعا لمنزلته وهضما لنفوس الساجدين.
الثاني: أن آدم أنبأهم بالأسماء وبما علمه الله من الخصائص، والمعلم أفضل من المتعلم، وسوق الآية ينادي على أن الغرض إظهار ما خفي عليهم من أفضلية آدم، و دفع ما توهموا فيه من النقصان، ولذا قال تعالى " ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض (3) " وبهذا يندفع ما يقال: إن لهم أيضا علوما جمة أضعاف العلم بالأسماء