وقرى كثيرة، ومن جزائر هذا البحر جزيرة " كله " التي يجلب منها الرصاص القلعي وجزيرة " سريرة " التي يجلب منها الكافور، وغرائب البحر كثيرة ولهذا قيل: حدث عن البحر ولا حرج. وسئل بعض العقلاء: ما رأيت من عجائب البحر؟ قال: سلامتي منه.
تتمة: قالت الحكماء في سبب انفجار العيون من الأرض: إن البخار إذا احتبس في داخل من الأرض لما فيها من ثقب وفرج يميل إلى جهة فيبرد بها فينقلب مياها مختلطة بأجزاء بخارية، فإذا كثر لوصول مدد متدافع إليه بحيث لا تسعه الأرض أوجب انشقاق الأرض وانفجرت منها العيون، أما الجارية على الولاء فهي إما لدفع تاليها سابقها، أو لانجذابه إليه لضرورة عدم الخلاء بأن يكون البخار الذي انقلب ماء وفاض إلى وجه الأرض ينجذب إلى مكانه ما يقوم مقامه لئلا يكون خلاء فينقلب هو أيضا ماء ويفيض وهكذا استتبع كل جزء منه جزء آخر. وأما العيون الراكدة فهي حادثة من أبخرة لم تبلغ من كثرة موادها وقوتها أن يحصل منها معاونة شديدة، أو يدفع اللاحق السابق. وأما مياه القنى (1) والآبار فهي متولدة من أبخرة ناقصة القوة عن أن يشق الأرض، فإذا أزيل ثقل الأرض عن وجهها صادفت منفذا تندفع إليه بأدنى حركة، فإن لم يجعل هناك مسيل فهو البئر، وإن جعل فهو القناة، ونسبة القنى إلى الآبار كنسبة العيون السيالة إلى الراكدة، ويمكن أن تكون هذه المياه متولدة - كما قاله أبو - البركات البغدادي - من أجزاء مائية متولدة من أجزاء متفرقة في ثقب أعماق الأرض ومنافذها إذا اجتمعت، بل هذا أولى لكون مياه العيون والآبار والقنوات تزيد بزيادة الثلوج والأمطار. قال الشيخ في النجاة: وهذه الأبخرة إذا انبعثت عيونا أمدت البحار بصب الأنهار إليها، ثم ارتفع من البحار والبطائح والأنهار وبطون الجبال خاصة أبخرة أخرى ثم قطرت ثانيا إليها فقامت بدل ما يتحلل منها على الدور دائما.