أي كمالكم في القوة والعقل، جمع شدة. " ومنكم من يتوفى " عند بلوغ الأشد أو قبله " ومنكم من يرد إلى أرذل العمر " أي الهرم والخرف " لكيلا يعلم من بعد علم شيئا " أي ليعود كهيئته الأولى في أوان الطفولية من سخافة العقل وقلة الفهم فينسي ما علمه وينكر من عرفه، وأنه استدلال ثان على إمكان البعث بما يعتري الانسان في أسنانه من الأمور المختلفة والأحوال المتضادة، فإن من قدر على ذلك قدر على نظائره (1).
" من سلالة " من خلاصة سلت من بين الكدر " من طين " متعلق بمحذوف لأنه صفة لسلالة أو بمعنى سلالة، لأنها في معنى مسلولة، فتكون ابتدائية كالأول، و الانسان آدم خلق من صفوة سلت من الطين، أو الجنس فإنهم خلقوا من سلالات جعلت نطفا بعد أدوار، وقيل: المراد بالطين آدم لأنه خلق منه، والسلالة نطفته " ثم جعلناه " أي ثم جعلنا نسله، فحذف المضاف " نطفة " بأن خلقناه منها، أو ثم جعلنا السلالة نطفة، وتذكير الضمير على تأويل الجوهر أو المسلول أو الماء " في قرار مكين " أي مستقر حصين يعني الرحم " ثم خلقنا النطفة علقة " بأن أحلنا النطفة البيضاء علقة حمراء " فخلقنا العلقة مضغة " أي فصيرناها قطعة لحم " فخلقنا المضغة عظاما " بأن صلبناها " فكسونا العظام لحما " مما بقي من المضغة، أو مما أنبتنا عليها مما يصل إليها، واختلاف العواطف لتفاوت الاستحالات، والجمع لاختلافها في الهيئة والصلابة " ثم أنشأناه خلقا آخر " هو صورة البدن والروح والقوى بنفخة فيه أو المجموع، و " ثم " لما بين الخلقتين من التفاوت " أحسن الخالقين " أي المقدرين تقديرا. " ثم إذا أنتم بشر " أي ثم فاجأتم وقت كونكم بشرا منتشرين في الأرض. " وهنا " أي ذات وهن أو تهن وهنا " على وهن " أي تضعف ضعفا فوق ضعف، فإنها لا تزال يتضاعف ضعفها، والجملة في موضع الحال " وفصاله في عامين " أي وفطامه في انقضاء عامين.
" الذي أحسن كل شئ خلقه " أي خلقه موفرا عليه ما يستعده ويليق به على وفق الحكمة والمصلحة، و " خلقه " بدل من " كل " بدل الاشتمال، وقيل: علم كيف يخلقه. وقرأ نافع والكوفيون بفتح اللام على الوصف " وبدأ خلق الانسان " يعني آدم