تعالى (1) في إيجاد الناس وتكوين أجسادهم دفعة واحدة، ونفخ أرواحهم في أجسادهم المتكونة نفخة واحدة، بتوسط بعض ملائكته. فرد الله تعالى بواسطة واهب الصور تلك الصور إلى موادها لحصول المزاج الخاص مرة أخرى كما تتكون ألوف كثيرة من أصناف الحيوانات كالذباب وغيرها في الصيف من العفونات تكونا دفعيا، ولا يلزم أن يكون نحو التعلق واحدا في المبدء والإعادة، بل يجوز أن يكون التعلق الآخري إلى البدن على وجه لا يكون مانعا من حصول الأفعال الغريبة والآثار العجيبة، ومشاهدة أمور غيبية لم يكن من شأن النفس مشاهدتها إياها في النشأة الدنيوية، وكذا اقتدارها على إيجاد صور عجيبة غريبة حسنة أو قبيحة مناسبة لأوصافها وأخلاقها - انتهى - وأنت تعلم إذا تأملت في مجاري كلامه أنه مع إعمال التقية فيه لوح إلى مرامه.
ونقل بعض قدماء الأطباء عن جالينوس في بيان تشريح الأعضاء وفوائدها أنه قال: وشعر الحاجبين أيضا مما لم يقصر فيه ولم يتوان عنه، وهو والأشفار دون سائر الشعر جعل له مقدار يقف عنده فلا يطول أكثر منه، وأما شعر الرأس واللحية فإنه يطول كثيرا، والسبب في ذلك أن شعر الرأس واللحية له منفعتان: إحديهما تغطية ما تحته من الأعضاء وسترها، والأخرى إفناء الفضول الغليظة. ومنفعته من جهة التغطية والستر تختلف على وجوه شتى، وذلك لان حاجتنا إلى التغطية والستر تختلف بقدر اختلاف