قيمة، ويبطل الانتفاع بهما في الشرى والبيع والمعاملات، ولا كان يجبي السلطان الأموال ولا يدخرهما أحد للأعقاب، وقد أعطي الناس مع هذا صنعة الشبه من النحاس والزجاج من الرمل، والفضة من الرصاص، والذهب من الفضة وأشباه ذلك مما لا مضرة فيه. فانظر كيف أعطوا إرادتهم في مالا ضرر فيه، ومنعوا ذلك في ما كان ضارا لهم لو ناولوه. ومن أوغل في المعادن انتهى إلى واد عظيم يجرى منصلتا بماء غزير، لا يدرك غوره ولا حيلة في عبوره، ومن ورائه أمثال الجبال من الفضة. تفكر الآن في هذا من تدبير الخالق الحكيم، فإنه أراد - جل ثناؤه - أن يرى العباد مقدرته (1) وسعة خزائنه، ليعلموا أنه لو شاء أن يمنحهم كالجبال من الفضة لفعل، لكن لاصلاح لهم في ذلك لأنه لو كان فيكون فيها كما ذكرنا سقوط هذا الجوهر عند الناس وقلة انتفاعهم به. واعتبر ذلك بأنه قد يظهر الشئ الطريف مما يحدثه الناس من الأواني والأمتعة، فما دام عزيزا قليلا فهو نفيس جليل آخذ الثمن، فإذا فشى وكثر في أيدي الناس سقط عندهم وخست قيمته. ونفاسة الأشياء من عزتها.
بيان: الكلس - بالكسر -: الصاروج، والجبس - بالكسر -: الجص، و في أكثر النسح " الجبسين " ولم أجده في ما عندنا من كتب اللغة، لكن في لغة الطب كما في أكثر النسخ. والمرتك - كمقعد - المرداسنج، و " القوبنا " بالباء الموحدة أو الياء المثناة من تحت، ولم أجدهما في كتب اللغة، لكن في القاموس: القونة القطعة من الحديد أو الصفر يرقع بها الاناء. وفي بعض النسخ " والتوتيا " وفي كتب اللغة أنه حجر يكتحل به. والقار: القير. وجبى الخراج جباية: جمعه. والايغال: المبالغة في الدخول والذهاب. وانصلت: مضى وسبق.
تتميم نفعه عميم اعلم أن الذي يستفاد من الآيات المتظافرة والأخبار المتواترة هو أن تأثيره سبحانه في الممكنات لا يتوقف على المواد والاستعدادات، وإنما أمره إذا أراد شيئا