المنافع الدنيوية، ألا ترى إلى قوله تعالى " ولقد كرمنا بني آدم " والكرامة إنما هي الترقية وما يجري مجراه، ثم قال " وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات " ولا شبهة في أن الحمل لهم في البر والبحر ورزق الطيبات خارج مما يستحق به الثواب ويقتضي التفضيل الذي وقع إطلاقه فيه، ويجب أن يكون ما عطف عليه من التفضيل داخلا في هذا الباب وفي هذا القبيل، فإنه أشبه من أن يكون المراد به غير ما سياق الآية وارد [به و] مبني عليه، وأقل الأحوال أن تكون لفظة " فضلناهم " مجتمعة للامرين، فلا يجوز الاستدلال بها على خلاف ما نذهب إليه.
ويقال لهم فيما تعلقوا به رابعا: لا دلالة في هذه الآية على أن حال الملائكة أفضل من حال الأنبياء، لان الغرض في الكلام إنما هو نفي ما لم يكن عليه، لا التفضيل لذلك على ما هو عليه. ألا ترى أن أحدنا لو ظن أنه على صفة وهو ليس عليها جاز أن ينفيها عن نفسه بمثل هذا اللفظ وإن كان على أحوال هي أفضل من تلك الحال و أرفع، وليس يجب إذا انتفى مما تبرأ منه من علم الغيب وكون خزائن الله تعالى عنده أن يكون فيه فضل أن يكون ذلك معتمدا في كل ما يقع النفي له والتبرؤ منه، وإذا لم يكن ملكا عنده خزائن الله تعالى جاز أن ينتفي من الامرين من غير ملاحظة، لان حاله دون هاتين الحالتين.
ومما يوضح هذا ويزيل الاشكال فيه أنه تعالى حكى عنه قوله في آية أخرى " ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا (1) " ونحن نعلم أن هذه منزلة غير جليلة، وهو على كل حال أرفع منها وأعلى، فما المنكر أن يكون نفي الملكية عنه في أنه لا يقتضي أن حاله دون حال الملك بمنزلة نفي هذه المنزلة. والتعلق بهذه الآية ضعيف جدا، وفيما أوردناه كفاية وبالله التوفيق (انتهى).
وذكر - رضي الله عنه - نحوا من هذا في أجوبة المسائل التي وردت عليه من الري.
وقال الدواني في شرح العقائد: هم أي الأنبياء أفضل من الملائكة العلوية عند