وأقول: الاخبار في ذلك كثيرة قد أوردناها في أبواب فضائل النبي صلى الله عليه وآله و الأئمة عليهم السلام فليرجع إليها.
تذييل قال السيد الاجل المرتضى في كتاب الغرر بعد أن سئل عن تفسير قوله تعالى " خلق الانسان من عجل ": قد ذكر في هذه الآية وجوه من التأويل، نحن نذكرها و نرجح الأرجح منها:
فأولها أن يكون معنى القول المبالغة في وصف الانسان بكثرة العجلة، وأنه شديد الاستعجال لما يؤثره من الأمور، لهج باستدناء ما يجلب إليه نفعا أو يدفع عنه ضررا، ولهم عادة في استعمال مثل هذا اللفظ عند المبالغة، كقولهم لمن يصفونه بكثرة النوم: ما خلقت إلا من نوم، وما خلق فلان إلا من شر، إذا أرادوا كثرة وقوع الشر منه، وربما قالوا: إنما أنت أكل وشرب، وما أشبه ذلك. قالت الخنساء تصف بقرة:
ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت * وإنما هي إقبال وإدبار.
وإنما أرادت ما ذكرناه من كثرة وقوع الاقبال والادبار منها، ويشهد لهذا التأويل قوله عز وجل في موضع آخر " وكان الانسان عجولا " ويطابقه أيضا قوله تعالى " فلا تستعجلون " لان وصفهم بكثرة العجلة وأن من شأنهم فعلها توبيخا لهم و تقريعا، ثم نهاهم عن الاستعجال باستدعاء الآيات من حيث كانوا متمكنين من مفارقة طريقتهم في الاستعجال، وقادرين على التثبت والتأيد.
وثانيها ما أجاب به أبو عبيدة وقطرب [بن المستنير] وغيرهما من أن في الكلام قلبا، والمعنى: خلق العجل من الانسان، واستشهدوا على ذلك بقوله سبحانه " وقد بلغني الكبر " أي قد بلغت الكبر، وبقوله تعالى " ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة " و المعنى أن العصبة تنوء بها، وتقول العرب: عرضت الناقة على الحوض، وإنما هو:
عرضت الحوض على الناقة، ثم ذكر - ره - شواهد وأبياتا كثيرة في ذلك، ثم قال:
ويبقى على صاحب هذا الجواب مع التغاضي له عن حمل كلامه تعالى على القلب أن