31 - النهج: قال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة التوحيد: لا يجري عليه السكون والحركة، وكيف يجري عليه ما هو أجراه ويعود فيه ما هو أبداه، ويحدث فيه ما هو أحدثه؟ إذا لتفاوتت ذاته، ولتجزأ كنهه، ولامتنع من الأزل معناه، ولكان له وراء إذ وجد له أمام، ولالتمس التمام إذ لزمه النقصان (1).
بيان: قال بعض شراح النهج في قوله عليه السلام " ولتجزأ كنهه " إشارة إلى نفي الجوهر الفرد; وقال: قوله عليه السلام " ولكان له وراء إذ كان له أمام " يؤكد ذلك لان من أثبته يقول يصح أن تحله الحركة ولا يكون أحد وجهيه غير الآخر.
فائدة اعلم أن الطبيعيين والرياضيين اتفقوا على أن الأرض كروية بحسب الحس وكذا الماء المحيط بها، وصارا بمنزلة كرة واحدة، فالماء ليس بتام الاستدارة بل هو على هيئة كرة مجوفة قطع بعض منها وملئت الأرض على وجه صارت الأرض مع الماء بمنزلة كرة واحدة، ومع ذلك ليس شئ من سطحيه صحيح الاستدارة، أما المحدب فلما فيه من الأمواج، وأما المقعر فللتضاريس فيه من الأرض. وقد أخرج الله تعالى قريبا من الربع من الأرض من الماء بمحض عنايته الكاملة، أو لبعض الأسباب المتقدمة لتكون مسكنا للحيوانات المتنفسة وغيرها من المركبات المحوجة إلى غلبة العنصر اليابس الصلب لحفظ الصور والاشكال وربط الأعضاء والأوصال. ومما يدل على كروية الأرض ما أومأنا إليه سابقا من طلوع الكواكب وغروبها في البقاع الشرقية قبل طلوعها وغروبها في الغربية بقدر ما تقتضيه أبعاد تلك البقاع في الجهتين على ما علم من ارصاد كسوفات بعينها لا سيما القمرية في بقاع مختلفة، فإن ذلك ليس في ساعات متساوية البعد من نصف النهار على الوجه المذكور، وكون الاختلاف متقدرا بقدر الابعاد دليل على الاستدارة المتشابهة السائرة بحدبتها المواضع التي يتلو بعضها بعضا على قياس واحد بين الخافقين، وازدياد ارتفاع القطب والكواكب الشمالية وانحطاط الجنوبية للسائرين