76 - اكمال الدين: عن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، عن أحمد بن محمد بن عبد الله بن زيد الشعراني من ولد عمار بن ياسر - رضي الله عنه - يقول: حكى أبو القاسم محمد بن القاسم البصري أن أبا الحسن حمادويه بن أحمد بن طولون كان قد فتح عليه من كنوز مصر ما لم يرزق أحد قبله، فأغري بالهرمين فأشار عليه ثقاته وحاشيته وبطانته أن لا يتعرض لهدم الأهرام، فإنه ما تعرض أحد لها فطال عمره فلج في ذلك، وأمر ألفا من الفعلة أن يطلبوا الباب وكانوا يعملون سنة حواليه حتى ضجروا وكلوا، فلما هموا بالانصراف بعد الإياس منه وترك العمل وجدوا سربا فقدروا أنه الباب الذي يطلبونه فلما بلغوا آخره وجدوا بلاطة قائمة من مرمر فقدروا أنها الباب فاحتالوا فيها إلى أن قلعوها وأخرجوها، فإذا عليها كتابة يونانية، فجمعوا حكماء مصر و علماءها فلم يهتدوا لها، وكان في القوم رجل يعرف بأبي عبد الله المدائني أحد حفاظ الدنيا وعلمائها، فقال لأبي الحسن (1) حمادويه بن أحمد: أعرف في بلد الحبشة أسقفا قد عمر وأتى عليه ثلاثمائة وستون سنة يعرف هذا الخط، وقد كان عزم على أن يعلمنيه فلحرصي على علم العرب لم أقم عليه وهو باق. فكتب أبو الحسن إلى ملك الحبشة يسأله أن يحمل هذا الأسقف إليه، فأجابه أن هذا قد طعن في السن وحطمه الزمان وإنما يحفظه هذا الهواء، وخاف عليه إن نقل إلى هواء آخر وإقليم آخر ولحقته حركة وتعب ومشقة السفر أن يتلف، وفي بقائه لنا شرف وفرج وسكينة، فإن كان لكم شئ يقرأه أو يفسره أو (2) مسألة تسألونه فالكتب بذلك. فحملت البلاطة في قارب إلى بلد " أسوان " من الصعيد الأعلى، وحملت من أسوان على العجلة إلى بلاد الحبشة وهي قريبة من أسوان، فلما وصلت قرأها الأسقف وفسر ما فيها بالحبشية ثم نقلت إلى العربية فإذا فيها مكتوب: " أنا الريان بن دومغ " فسئل أبو عبد الله عن الريان من هو؟ قال: هو والد العزيز ملك يوسف عليه السلام واسمه الريان بن دومغ، وقد كان
(٢٣٥)