المبائنة لها تهوي إليها وهي تقبلها من جميع نواحيها من دون اضطراب. هذا ما ذكروه في هذا المقام، ولا نعرف من ذلك إلا كون الجميع بقدرة القادر العليم وإرادة المدبر الحكيم كما ستعرف ذلك إن شاء الله تعالى.
وقال الشيخ المفيد - قدس سره - في كتاب المقالات: أقول: إن العالم هو السماء والأرض وما بينهما وفيهما من الجواهر والاعراض، ولست أعرف بين أهل التوحيد خلافا في ذلك. أقول: لعل مراده - قدس سره - بالسماوات ما يشمل العرش والكرسي والحجب، وغرضه نفي الجواهر المجردة التي تقول بها الحكماء. ثم قال - رحمه الله - وأقول: إن الفلك هو المحيط بالأرض الدائر عليها وفيه الشمس والقمر وسائر النجوم، والأرض في وسطه بمنزلة النقطة في وسط الدائرة، وهذا مذهب أبي القاسم البلخي وجماعة كثيرة من أهل التوحيد، ومذهب أكثر القدماء والمنجمين وقد خالف فيه جماعة من بصرية المعتزلة وغيرهم من أهل النحل. وأقول: إن المتحرك من الفلك إنما يتحرك حركة دورية كما يتحرك الدائر على الكرة، وإلى هذا ذهب البلخي وجماعة من أهل التوحيد، والأرض على هيئة الكرة في وسط الفلك وهي ساكنة لا تتحرك، وعلة سكونها أنها في المركز، وهو مذهب أبي القاسم وأكثر القدماء والمنجمين، وقد خالف فيه الجبائي وابنه وجماعة غيرهما من أهل الآراء والمذاهب من المقلدة والمتكلمين. - ثم قال -: وأقول: إن العالم مملوءة من الجواهر وإنه لا خلأ فيه، ولو كان فيه خلا لما صح فرق بين المجتمع والمتفرق من الجواهر والأجسام وهو مذهب أبي القاسم خاصة من البغداديين، ومذهب أكثر القدماء من المتكلمين وخالف فيه الجبائي وابنه وجماعة متكلمي أهل الحشو والجبر والتشبيه. - ثم قال -: وأقول: إن المكان هو ما أحاط بالشئ من جميع جهاته، ولا يصح تحرك الجواهر إلا في الأماكن; والوقت هو ما جعله الموقت وقتا للشئ وليس بحادث مخصوص والزمان اسم يقع على حركات الفلك فلذلك لم يكن الفعل محتاجا في وجوده إلى وقت ولا زمان، وعلى هذا القول سائر الموحدين.
وسئل السيد المرتضى - رحمه الله -: الفراغ له نهاية؟ والقديم تعالى يعلم