يجيئه من الغذاء من دم الحيض، فيتحرك حركات صعبة قوية، وانتهكت رباطات الرحم، فكانت الولادة.
وقال بعضهم: الرحم موضوعة في ما بين المثانة والمعي المستقيم، وهي مربوطة برباطات على هيئة السلسلة، وجسمها عصبي ليمكن امتدادها واتساعها وقت الولادة والحاجة إلى ذلك، وتنضم إذا استغنت، ولها بطنان ينتهيان إلى فم واحد، وزائدتان تسميان قرني (1) الرحم، وخلف هاتين الزائدتين بيضتا المرأة، وهما أصغر من بيضتي الرجل وأشد تفرطحا (والمفرطح: العريض) ومنهما ينصب مني المرأة إلى تجويف الرحم، وللرحم رقبة منتهية إلى فرج المرأة، وتلك الرقبة من المرأة بمنزلة الذكر من الرجل، فإذا امتزج مني الرجل بمني المرأة من تجويف الرحم كان العلوق، ثم ينمى من دم الطمث، ويتصل بالجنين عروق تأتي إلى الرحم فتغذوه حتى يتم ويكمل فإذا لم يكتف بما يجيئه من تلك العروق يتحرك حركات قوية طلبا للغذاء، فيهتك أربطة الرحم التي قلنا إنها على هيئة السلسلة ويكون منها الولادة (انتهى).
واعلم أنهم اتفقوا على أن المني يتولد من فضلة الهضم الرابع في الأعضاء، قال بقراط في كتابه في المني: إن جمهور مادة المني هو من الدماغ، فإنه ينزل منه إلى العرقين اللذين خلف الاذنين، ثم منهما إلى النخاع لئلا يبعد من الدماغ وما يشبهه مسافة طويلة فيغير مزاجه، ثم منه إلى الكليتين بعد نفوذه في العرقين الطالعين المتشعبين من الأجوف إلى العروق التي تأتي الأنثيين، ولهذا قيل: إن قطعهما يقطع النسل.
ونقل الطبري عن بقراط أن الصقالبة إذا أرادوا أن يرتبوا (2) أولادهم للدعوة أو للناموس بتروا منهم هذين العرقين، فينقطع هذا المقطوع العرق عن الجماع ويصير بصورة النساء، فيتبركون به ويتوسلون به إلى الله تعالى، ويرون أن دعاءه مستجاب وأن الله قد اصطفاه واختاره وطهره من الخبائث! وجالينوس أنكر ذلك وخطأ قول بقراط.